سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة. قالوا : تعني اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال : فمن أعني؟ لتنقضن عروة الإسلام عروة عروة.
وعن كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي في حديث رقم ١٣١ : من المتفق عليه من مسند انس بن مالك قال رسول الله (ص) : ليردن على الحوض رجال ممن صحبني ، حتى إذا رأيتهم ، ورفعوا إليّ رؤوسهم اختلجوا ، فأقول : رب أصحابي. فيقال لي : انك لا تدري ما أحدثوا بعدك .. وفي الكتاب المذكور أيضا حديث رقم ٢٦٧ من المتفق عليه من مسند أبي هريرة من عدة طرق قال النبي (ص) : بينا أنا واقف ـ يوم القيامة ـ إذا زمرة ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم ، فقال : هلموا. فقلت : الى أين؟ قال : الى النار. قلت : ما شأنهم؟ قال : انهم ارتدوا بعدك على ادبارهم القهقرى.
(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ). المراد باليوم يوم القيامة ، وبياض الوجه كناية عن استبشار المؤمن برضوان الله وفضله ، وسواد الوجه كناية عن حزن الكافر والفاسق لغضبه تعالى عليهما ، وعذابه لهما. (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ) يقال لهم تقريعا وتوبيخا : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ). نقل الرازي والطبري وغيرهما كثير من المفسرين ، نقلوا عن بعض السلف ان المقصود بهؤلاء خصوص الخوارج ، لأن النبي قال فيهم : «انهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية». ولكن ظاهر الآية يشمل كل من كفر بعد الايمان ، ومنهم الخوارج ، وأهل البدع والأهواء والآراء الباطلة ، على ان العذاب لا يختص بمن كفر بعد الايمان ، بل يشمل مطلق الكافر بدليل قوله تعالى : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). رحمة الله هي الجنة ، والخلود فيها واضح .. والخلاصة ان الذين يعتصمون بحبل الله ، ويعملون لوجه الله ، ويتعاونون على الخير والصالح العام يحشرون غدا أعزاء فرحين مستبشرين ، وراضين مرضيين ، أما الذين اختلفوا تكالبا على الدنيا غير آبهين بدين ولا أمة ولا وطن ، ولا يهتمون الا بمصالحهم ومصالح أبنائهم فإنهم يحشرون أذلاء خاسرين خاسئين ، مقرهم جهنم وبئس المصير.