طمعهم وحرصهم ، فيشحون بالمال ، ولا يضجرهم الفقر ، ويبعثهم على اليأس ويرون انهم أجدر بالأخذ لا بالعطاء ، وهم في الحالين سواء ينفقون حسبما يستطيعون .. وفي الحديث : تصدقوا ولو بشق تمرة.
و «منها» : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ). ولا شيء أدل على قوة الإيمان ، ورجاحة العقل من تمالك النفس وكظم الغيظ ، وإذا كان في تجرع الغيظ مرارة ومشقة على النفس ، فانه وقاية من كثير من المصائب والكوارث ، قال الإمام علي (ع) يوصي ولده الإمام الحسن (ع) : تجرع الغيظ فاني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ، ولا ألذ مغبة.
و (منها) : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ). والعفو عمن أساء أفضل بكثير من كظم الغيظ ، لأن الإنسان كثيرا ما يضبط نفسه ، ويكظم غيظه بدافع من صالحه الخاص ، وتجنبا للوقوع في المشاكل ، أما العفو عن ذنوب الناس فهو احسان محض. قال الإمام علي (ع) : إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه.
و (منها) : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). ويتحقق الإحسان بكل ما فيه نفع مادي أو معنوي ، كثر ، أو قلّ ، ولو بكلمة (من هنا الطريق). قال الشيخ المراغي في تفسير هذه الآية : «أخرج البيهقي ان جارية لعلي بن الحسين (ع) جعلت تسكب الماء عليه ليتهيأ للصلاة ، فسقط الإبريق من يدها فشجته ، فرفع رأسه ، فقالت : ان الله يقول : والكاظمين الغيظ. فقال لها : قد كتمت غيظي. قالت : والعافين عن الناس. قال : قد عفا الله عنك. قالت : والله يحب المحسنين. قال : اذهبي أنت حرة لوجه الله تعالى.
و (منها) : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ). الفاحشة أفحش الذنوب وأكبرها ، ومنها الاعتداء على حقوق الناس ، وليس في ظلم النفس اعتداء على الغير ، ولكن قد يكون فاحشا كالكفر ، فيكون ذكره بعد ذكر الفاحشة من باب ذكر العام بعد الخاص .. ومهما يكن ، فإن الله يعفو عن الجميع ، ويغفر كل ذنب كبيرا كان أو صغيرا بشرط الاستغفار ، أي التوبة النصوحة. (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). أي ان الله سبحانه يغفر لمن تاب وأقلع عن الذنب ، أما من أصر واستمر في