والقبلة صغيرة بالنسبة الى الجنس. وكذا الأكل على مائدة عليها خمر كبير في نفسه ، صغير بالقياس الى شرب الخمر.
وتجدر الإشارة الى ان لذات الفاعل وسوابقه وظروفه ودوافعه تأثيرا بالغا في جعل الذنب كبيرا أو صغيرا على حد تعبير الفقهاء ، وجناية أو جنحة على حد تعبير المشرعين الجدد .. فعلينا قبل أن نضفي على الذنب صفة الشدة أو الضعف أن ننظر الى الفاعل ، هل فعل ما فعل لعدم فطنته وضعف ارادته ، كما لو لبّس عليه غاو أثيم ، أو فعله لحاجة ماسة ، أو لأنه مولع بالإساءة الى الناس ، كما هو شأن الكثيرين .. وقد تواتر عن الرسول (ص) انه قال : «انما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى .. لا صغيرة مع إصرار ، ولا كبيرة مع استغفار».
وعن الإمام الصادق (ع) : «انما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا أن يعصوا الله أبدا لو خلدوا فيها ، وانما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم أن يطيعوا الله أبدا ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء». وبسطنا القول في تأثير النية عند تفسير الآية ١٤٤ من سورة آل عمران ، فقرة لكل امرئ ما نوى .. ومن المفيد أن نذكر خبرا عن الإمام جعفر الصادق (ع) يعدد فيه أنواع الكبائر .. روي ان عمرو بن عبيد دخل على الإمام ، وسأله عن الكبائر في كتاب الله؟ فقال :
«ان أكبر الكبائر الشرك بالله ، لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ). وقال : (مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ).
وبعده اليأس من روح الله ، لأن الله يقول : (لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).
ثم الامن من مكر الله ، لأن الله يقول : (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).
ومنها عقوق الوالدين ، لأن الله تعالى جعل العاق جبارا شقيا في قوله : (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا).
ومنها قتل النفس التي حرّم الله الا بالحق ، لأنه تعالى يقول : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها).