فكيف لا يصعب عليهم أن يظهر من العرب نبي يكون لأصحابه ملك يخضع له اليهود ، وهذه الصفة لا تزال غالبة على اليهود ، حتى اليوم ، فإن تم لهم ما يسعون اليه من اقامة دولة بفلسطين يطردون المسلمين والنصارى ، ولا يعطونهم نقيرا .. والدلائل متوفرة على ان القوم يحاولون امتلاك الأرض المقدسة ، وحرمان غيرهم من جميع أسباب الرزق .. وقد ادخروا لذلك مالا كثيرا ، فيجب على العثمانيين أن لا يمكنوا لليهود في فلسطين ، ولا يسهلوا لهم امتلاك أرضها ، وكثرة المهاجرين ، فإن في ذلك خطرا كبيرا ..». وقال صاحب تفسير المنار : «ان الآية لا تثبت ولا تنفي ملك اليهود في فلسطين ، وانما بينت ما تقتضيه طباعهم من العمل في فلسطين وغيرها لو ملكوا».
هذا ما قاله عالم من علماء المسلمين في تفسير هذه الآية : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً). قاله قبل أربعين عاما من قيام دولة إسرائيل بفلسطين ، وان دل هذا على شيء فإنما يدل على صدق محمد (ص) في نبوته ورسالته ، حيث أخبر بوحي من السماء قبل أكثر من ألف وثلاثمائة سنة ان اليهود لو ملكوا لكان منهم الذي حدث بالفعل سنة ١٩٤٨ وسنة ١٩٦٧ : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٢٢ الزمر».
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). هذه صفة أخرى من صفات اليهود وهي الحسد ، والمراد بالناس محمد (ص) ومن معه من المؤمنين : وحسدهم اليهود على ما أفاء الله عليهم من دين الحق ، والتمكين في الأرض .. ولما عجز اليهود عن رد هذه النعمة عن المسلمين تحالفوا ضدهم مع المشركين ، وبثوا الدعايات الكاذبة ضد الإسلام ونبي الإسلام ، وفي النهاية دارت عليهم دائرة السوء ، وطردوا من الحجاز بما كانوا يفعلون.
(فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً). المراد بالكتاب زبور داود ، وتوراة موسى ، وبالحكمة النبوة والعلم. والمعنى لما ذا تحسدون أيها اليهود محمدا (ص) والعرب على النبوة والتمكين في الأرض؟ فان الله قد وهب من قبل مثل ذلك لأسلافه ، كيوسف وداود وسليمان.