الخبر المذكور صحيح صريح خال من المعارض دال على الحكم المذكور بأظهر تأكيد لقوله عليهالسلام (١) زيادة على ما قدمنا ذكره «ينبغي أن تكون الصفوف تامة متواصلة بعضها الى بعض لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى». و «ينبغي» هنا بمعنى الوجوب كما استفاض في الأخبار ، وعليه صدر الكلام الى أن قال عليهالسلام أيضا في الخبر «أيما امرأة صلت خلف امام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة» وهل وقع في حكم من الأحكام ما وقع في هذا الحكم من المبالغة بهذا التأكيد التام؟ ما هذا إلا عجب عجيب من هؤلاء الأعلام تجاوز الله عنا وعنهم في دار المقام.
وبالجملة فالظاهر عندي من النص المذكور هو وجوب مراعاة هذا المقدار بين الامام والمأمومين وكذا ما بين المأمومين بعضهم مع بعض ، وظاهر الخبر المذكور انه لا ينبغي أن يكون بين الصفين زيادة على مسقط جسد الإنسان حال السجود بمعنى أنه يكون سجوده متصلا بعقب رجلي المتقدم فتكون مسافة البعد من موقف المصلى لا من موضع سجوده ، وقوله عليهالسلام : «يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان» أي قدر المسافة التي يحصل بها تواصل الصفوف بعضها الى بعض هذا المقدار. وما ذكرناه ظاهر من عبارة الخبر المنقول من كتاب الدعائم أتم الظهور.
فرعان
الأول ـ قال في المدارك : واعلم انه ينبغي للبعيد من الصفوف أن لا يحرم بالصلاة حتى يحرم قبله من المتقدم من يزول معه التباعد. انتهى. وهو جيد لأنه مع إحرام البعيد بهذا المقدار قبل إحرام من يزول به البعد يصدق وجود ما لا يتخطى فان وجود المأمومين قبل الدخول في الصلاة في حكم العدم وحينئذ تبطل القدوة. واحتمال انهم آن وجودهم مريدين الصلاة وان لم يحرموا في حكم من أحرم معارض بجواز انصرافهم وتركهم الاقتداء أو عروض مانع منه. إلا ان اعتبار هذا الشرط في غاية الإشكال الآن في حق المأمومين الذين هم في الأغلب
__________________
(١) ص ٩٦.