معذور من اخرى سامحنا الله وإياهم بلطفه وكرمه.
ثم ان ما ذكره في المدارك وكذا في المنتقى ـ من قصور الرواية من حيث السند مع ان حسنها انما هو بإبراهيم بن هاشم الذي قد عد حديثه في الصحيح جملة من أصحاب هذا الاصطلاح وتلقاه بالقبول جملة علمائنا الفحول ، وبذلك صرح هذان الفاضلان أيضا في غير مقام ـ من ما لا يخفى ما فيه من المجازفة. والله العالم.
الرابع ـ قال في المدارك : إذا سبقت نية المقام ببلد عشرة أيام على الوصول إليه ففي انقطاع السفر بما ينقطع بالوصول الى بلده من مشاهدة الجدران وسماع الأذان وجهان ، أظهرهما البقاء على التقصير الى ان يصل البلد وينوي المقام فيها ، لأنه الآن مسافر فيتعلق به حكمه الى أن يحصل ما يقتضي الإتمام. ولو خرج من موضع الإقامة إلى مسافة ففي ترخصه بمجرد الخروج أو بخفاء الجدران أو الأذان الوجهان ، والمتجه هنا اعتبار الوصول الى محل الترخص ، لان محمد بن مسلم سأل الصادق عليهالسلام (١) فقال له : «رجل يريد السفر فيخرج متى يقصر؟ فقال إذا توارى من البيوت». وهو يتناول من خرج من موضع الإقامة كما يتناول من خرج من بلده. انتهى.
أقول : لا يخفى ان المفهوم من أخبار تحديد محل الترخص بسماع الأذان وعدمه والخفاء عن من وراء البيوت وعدمه ـ وكذا ما صرح به الأصحاب كما تقدم من أن ناوي الإقامة في بلد لا يضره التردد في نواحيها ما لم يبلغ محل الترخص ـ هو أن حدود البلد شرعا من جميع نواحيها هي هذه المواضع المذكورة ، وان المتوطن في البلد لو أراد السفر منها وجب عليه الإتمام إلى الحد المذكور الذي هو عبارة عن الخفاء في الأمرين المذكورين ، وكذا لو رجع من سفره فإنه يجب عليه التقصير الى الحد المذكور الذي هو عبارة عن سماع الأذان ورؤية من خلف الجدران ، وما ذاك جميعه إلا من حيث انتهاء حدود البلد شرعا الى ذلك الموضع كما عرفت ،
__________________
(١) الوسائل الباب ٦ من صلاة المسافر.