أقول : وهذا الموضع من ما طعن به على الرواية بأنها متهافتة فإنه لا يخفى ما في عبارة الخبر من القصور عن تأدية هذا المعنى الذي ذكره هنا.
الثاني ـ لو وقف الامام على الموضع الأعلى بما يعتد به صحت صلاته وبطلت صلاة المأموم لأنه منهي عن الاقتداء به في هذه الحال ، وأما الامام فلا وجه لبطلان صلاته ، والنهى عن قيامه في الموضع المذكور انما هو لأجل صحة صلاة المأموم لا لأجل صحة صلاته. ونقل عن بعض العامة القول ببطلان صلاة الإمام أيضا لأنه منهي عن القيام على مكان أعلى من مكان المأمومين (١) وفيه ما عرفت.
الثالث ـ قال في المدارك : لو صلى الامام على سطح والمأموم على آخر وبينهما طريق صح مع عدم التباعد وعلو سطح الامام. انتهى.
أقول : قد عرفت من ما قدمنا ان المستفاد من خبر زرارة وكذا من خبر كتاب الدعائم انه لا بد من اتصال الصفوف بالإمام والصفوف بعضها ببعض بحيث لا يكون بينهم أزيد من مسقط جسد الإنسان حال سجوده ، وحينئذ فالطريق التي بين السطحين متضمنة لزيادة المسافة على القدر المذكور ، وبه يظهر الإشكال في الحكم بالصحة في الصورة المفروضة إلا أن تعتبر مسافة التقدير بما لا يتخطى من موضع سجود المأموم ، والظاهر أنه ليس كذلك بل المسافة إنما هي من موقفه الى موقف من قدامه فإنه هو الذي به يحصل تواصل الصفوف المأمور به في الخبر ، ورواية كتاب الدعائم كما تقدم صريحة في ما ذكرناه.
وظاهر الأصحاب ان هذا الحكم اعنى تواصل الصفوف على الوجه المذكور
__________________
(١) في المغني ج ٢ ص ٢١١ «إذا صلى الإمام في مكان أعلى من المأمومين فقال ابن حامد بطلت صلاتهم وهو قول الأوزاعي ، لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه. وقال القاضي لا تبطل وهو قول أصحاب الرأي ، لان عمارا أتم صلاته ولو كانت فاسدة لاستأنفها. ثم قال : ويحتمل أن يتناول النهي الإمام لكونه منهيا عن القيام في مكان أعلى من مقامهم ، فعلى هذا الاحتمال تبطل صلاة الجميع عند من أبطل الصلاة بارتكاب النهى».