المسجد طريق» وفيه أيضا دلالة على أن الشارع ليس بحائل (فإن قلت) قد روى عن النبي صلىاللهعليهوآله (١) «من كان بينه وبين الإمام حائل فليس مع الامام». قلت يحمل على البعد المفرط أو على الكراهة. انتهى ما ذكره في الذكرى.
أقول : هذا الكلام من أوله الى آخره مبنى على ما تقدم نقله عنهم من تفسير البعد الموجب لبطلان القدوة بما قدمنا نقله عن الشيخ في الخلاف والمبسوط وما ذكره الأكثر من الإحالة إلى العرف ، وقد عرفت ما في الجميع وان الاعتماد في ذلك انما هو على الخبر الصحيح الصريح الدال على التقدير بما لا يتخطى عادة المفسر في الخبر المذكور بما زاد على مسقط جسد الإنسان حال السجود. واما ما استند اليه في عدم كون الشارع حائلا من الخبر العامي فضعفه أظهر من أن يبين ، وتأويله الخبر المروي عنه صلىاللهعليهوآله بما ذكره موقوف على وجود المعارض وليس في المقام ما يعارضه بل الموجود فيها ما يعضده ويقويه وهو صحيحة زرارة المتقدمة.
وبالجملة فإن كلماتهم في هذا المقام لكون البناء على غير أساس وثيق القوام مختلة النظام عديمة الانتظام.
المسألة الرابعة ـ قال في المدارك : أجمع علماؤنا وأكثر العامة على انه يشترط في الجماعة عدم التباعد بين الامام والمأموم إلا مع اتصال الصفوف ، وانما الخلاف في حده فذهب الأكثر الى ان المرجع فيه الى العادة ، وقال في الخلاف حده مع عدم اتصال الصفوف ما يمنع من مشاهدته والاقتداء بأفعاله ، ويظهر منه في المبسوط جواز البعد بثلاثمائة ذراع. انتهى.
__________________
(١) في المجموع للنووي شرح المهذب للشيرازي ج ٤ ص ٤٠٩ في مسألة حيلولة الطريق «وقال أبو حنيفة لا يصح الحديث رووه مرفوعا «من كان بينه وبين الامام طريق فليس مع الامام» ثم قال : وهذا حديث باطل لا أصل له وانما يروى عن عمر من رواية ليث بن ابى سليم عن تميم وليث ضعيف وتميم مجهول» وفي التذكرة في المسألة الرابعة من الشرط الثالث من شروط الجماعة رواه كما تقدم بلفظ «طريق» وبما تقدم من النووي يظهر ان نسبة الحديث إلى النبي «ص» كما في الذكرى والتذكرة ليست في محلها.