ثبوت الخبر المذكور يجب تخصيصه بما ذكرنا وتستثنى هذه الصورة من عمومه بذلك كما خرجوا عن عمومه في مواضع لا تحصى من الأحكام.
بقي الكلام في ما إذا حصل الرجوع بعد تجاوز محل القصر بان صلى ثلاث ركعات ، والظاهر هنا الإعادة لوقوع الزيادة المبطلة.
وأما ما احتج به القائل بالتفصيل كما ذكره في الذكرى من لزوم إبطال العمل المنهي عنه فعليل ، لعدم دليل لهم على هذه الدعوى سوى ما ذكروه من ظاهر الآية (١) الذي قد قدح فيه غير واحد منهم. ومع تسليمه فانا نقول ان مقتضى ما قررنا من الدليل هو الحكم بالإبطال ، لأن الواجب في حال الرجوع عن نية الإقامة قبل الإتمام بمقتضى الخبر المذكور هو البقاء على التقصير لعدم حصول شرط الإتمام وحينئذ فلا يكون من قبيل ما ذكروه ، فان المتبادر من النهى عن إبطال العمل إنما هو إبطاله من غير سبب شرعي يقتضي الابطال ، وما نحن فيه ليس كذلك كما عرفت حيث ان مقتضى الدليل هنا إبطاله لا ان المكلف يبطله من غير سبب يقتضي الإبطال كما هو ظاهر دليلهم. والله العالم.
المسألة الثانية ـ لو أتم مع استكمال الشروط المتقدمة فلا يخلو إما أن يكون عامدا أو جاهلا أو ناسيا ، وكذا لو كان فرضه التمام فقصر.
فههنا مقامات أربعة الأول ـ أن يتم عالما عامدا ولا خلاف في وجوب الإعادة عليه وقتا وخارجا.
وعليه تدل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم المتقدمة في صدر المقصد (٢) لقوله عليهالسلام فيها بعد ان سأله الراويان المذكوران فقالا «قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال ان كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا اعادة عليه».
__________________
(١) «وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ» سورة محمد الآية ٣٣.
(٢) ص ٢٩٦.