بما روى (١) «ان عمارا (رضى الله عنه) تقدم للصلاة على دكان والناس أسفل منه فقدم حذيفة (رضى الله عنه) فأخذ بيده حتى أنزله فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم؟ قال عمار فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي». قال وروى ايضا (٢) «ان حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان فأخذ عبد الله بن مسعود بقميصه فجذبه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم انهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال بلى ذكرت حين جذبتني». والظاهر ان هذين الخبرين من روايات العامة أو من الأصول التي وصلت اليه ولم تصل إلينا.
فروع
الأول ـ اختلف الأصحاب (رضى الله عنهم) في مقدار العلو المانع من صحة القدوة فقيل انه القدر المعتد به وانه لا تقدير له إلا بالعرف ، وهو قول الأكثر ومنهم الشهيد في الذكرى والعلامة في بعض كتبه ، وقيل قدر شبر ، وقيل ما لا يتخطى وبه صرح العلامة في التذكرة ، قال لو كان العلو يسيرا جاز إجماعا وهل يتقدر بشبر أو بما لا يتخطى؟ الأقرب الثاني. والظاهر انه بنى في ذلك على صحيحة زرارة المتقدمة.
قال في الذكرى : لا تقدير للعلو إلا بالعرف وفي رواية عمار (٣) «ولو كان أرفع منهم بقدر إصبع إلى شبر فان كان أرضا مبسوطة وكان في موضع فيه ارتفاع فقام الإمام في المرتفع وقام من خلفه أسفل منه إلا انه في موضع منحدر فلا بأس». وهي تدل بمفهومها على ان الزائد على شبر ممنوع وأما الشبر فيبني على دخول الغاية في المغني وعدمه. انتهى.
__________________
(١ و ٢) سنن ابى داود باب (الامام يقوم مكانا ارفع من مكان القوم.
(٣) ص ١٠٨ و ١٠٩.