كقوله عليهالسلام «فان عليك ان تقضى كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل ان تريم ـ أى تبرح ـ من مكانك». فإن التأكيد في القضاء فورا بتقديمه على اليومية ـ كما ينادى به ظاهر الخبر ، وهو الذي اخترناه في مسألة القضاء كما تقدم من وجوب الفورية به ، مفرعا عليه الوجوب بقوله «وجب عليك» ـ لا يلائم الاستحباب وظاهرها ان صحة الصلاة قصرا قبل بلوغ المسافة وقبل الرجوع عن القصد كأنها مراعاة بعدم الرجوع الى ان يبلغ المسافة.
وربما حملت على ان المقضي هو ما صلاة قصرا في حال الرجوع فقط بقرينة ان السؤال فيها عن حال الرجوع كما أشار إليه الوالد (عطر الله مرقده) في بعض حواشيه.
وفيه ان الظاهر من الخبر ان ذلك حكم كلي بالنسبة إلى الرجوع عن القصد قبل بلوغ البريد وبعده ولا اختصاص له بالسؤال. ويؤيده ما ذكره في المنتقى من أن قوله عليهالسلام «من قبل ان تريم» ان معناه من قبل أن تنثني عن السفر من المكان الذي بدا فيه الرجوع.
وكيف كان فالمسألة لا تخلو من شوب الإشكال والاحتياط فيها لازم على كل حال وان كان ما دلت عليه صحيحة زرارة هو الأوفق بمقتضى القواعد الشرعية ، إلا ان هذه الرواية مع ما هي عليه من الصحة والصراحة منافية لذلك ، ولا يحضرني الآن لها محمل تحمل عليه ، وبعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين احتمل حمل هذه الرواية ورواية المروزي على التقية (١) والله العالم.
الثاني ـ قد عرفت انه متى تردد عزمه قبل بلوغ المسافة فإنه يجب عليه التمام لاختلال شرط التقصير وهو استمرار القصد الى بلوغ المسافة ، أما لو كان ذلك
__________________
(١) في المغني ج ٢ ص ٢٥٨ : إذا خرج يقصد سفرا بعيدا يوجب قصر الصلاة ثم بدا له فرجع كان ما صلاه ماضيا صحيحا ولا يقصر في رجوعه إلا ان تكون مسافة الرجوع مبيحة بنفسها.