وقال في المدارك بعد ذكر التعارض بين البينتين : ويتعلق بكل من البينتين حكم ما يعتقده فيقصر المثبت ويتم النافي ، وفي جواز اقتداء أحدهما بالآخر وجهان من حكم كل منهما بخطإ الآخر ، ومن ان كلا من الصلاتين محكوم بصحتها شرعا لإتيان كل منهما بما هو فرضه فينتفى المانع من الاقتداء ، ورجح الشهيدان الجواز وهو حسن لكنهما منعا من الاقتداء مع المخالفة في الفروع ، والفرق بين المسألتين مشكل. انتهى.
أقول : قد قدمنا في بحث القبلة من التحقيق في هذا المقام ما يندفع به هذا الإشكال الذي ذكره (قدسسره) ومرجعه الى الفرق بين الأحكام الشرعية وموضوعاتها فيمتنع الاقتداء على الأول دون الثاني.
وأقول هنا : انه لا يخفى ان ما ذكروه من جواز الاقتداء في الصورة المذكورة ان أريد به الاقتداء في مجموع الصلاة ـ بحيث ان من فرضه منهما التمام يصلى قصرا وبالعكس كما هو الظاهر من كلامهم ، وقوله في الذكرى لأنها صحيحة بالنسبة اليه. وقوله في المدارك ان كلا من الصلاتين محكوم بصحتها شرعا. الى آخره ـ فالظاهر عدمه لأنها وان صحت من هذه الجهة التي ذكرها إلا ان هذا مكلف شرعا بالعمل بعلمه وما أدى اليه اعتقاده ، فلو تابع الإمام في صلاته قصرا أو تماما والحال ان اعتقاده خلاف اعتقاد الامام فقد خالف ما هو تكليفه شرعا ومأمور به من جهته سبحانه فكيف يجزئ عنه ، وان أريد به الاقتداء في ما يتفق معه فيه كاقتداء المسافر بالحاضر وبالعكس فالظاهر انه لا بأس به لما ذكروه من التعليل ، ولان هذا من باب موضوعات الأحكام الشرعية التي قد أشرنا إلى انه يجوز الاقتداء فيها مع الاختلاف من حيث ان صلاته صحيحة شرعية ، ونحن انما منعنا من الاقتداء في الفرض الأول من حيث مخالفته لما هو مكلف به شرعا لا من حيث حكمنا ببطلان صلاة الامام ، والفرق بحمد الله سبحانه ظاهر. فاشرب بكأس هذا التحقيق الذي هو بان يكتب بالنور على وجنات الحور جدير وحقيق ، ولا تكاد تجد مثل