والتفريعات. وخالفه جماعة في وجوب القصر بالذهاب الى عرفات في الصورة المفروضة وهو عدم الإقامة بعد العود الى محل الإقامة كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى
وبذلك يظهر ان المسألة بجميع ما فيها من التفاريع والشقوق والأحكام الآتية إنما استخرجها المجتهدون بأنظارهم وكل أفتى بما وصل اليه علمه وفهمه ، وهي خالية من النص كما عرفت ومن أجل ذلك فللبحث في تفاصيلها مجال ، والجزم بالفتوى في بعض شقوقها غير خلى من شوب الإشكال.
وتفصيل الحال بما يتضح به هذا الإجمال ان يقال ان الخارج من موضع الإقامة بعد نية الإقامة والصلاة تماما سواء كان في ضمن العشرة أو بعد تمامها لا يخلو أمره من أن يكون مريدا للعود الى موضع الإقامة أم لا ، وعلى الأول فاما أن يكون بعد عوده قاصدا المقام عشرة أيام أم لا ، وعلى الثاني من الثاني فاما أن يكون قاصدا للمفارقة أو ذاهلا أو مترددا ، وحينئذ فههنا صور خمس :
الأولى ـ ان يعزم على المفارقة وعدم العود الى موضع الإقامة ، وظاهر الأصحاب المتعرضين للبحث في هذه المسألة الاتفاق على التقصير وانما اختلفوا في انه يقصر بمجرد الخروج من البلد وان لم يتجاوز محل الترخص لصدق السفر عليه والضرب في الأرض واختصاص توقفه على مجاوزة محل الترخص بموضع الوفاق وهو بلد المسافر أو يتوقف على محل الترخص ومجاوزة الحدود لصيرورة موضع الإقامة بالنسبة إليه بعد الإقامة والصلاة تماما في حكم البلد ، وكلامهم كما ترى هنا على إطلاقه غير واضح لدلالة صحيحة أبي ولاد (١) على انه متى نوى الإقامة وصلى تماما فإنه لا يقصر حتى يقصد المسافة ، والمفروض في المسألة ان المقصود أقل من المسافة فوجوب التقصير لا وجه له وهو أظهر من أن يحتاج الى مزيد بيان.
وألحق بعض الأصحاب بهذه الصورة ما لو تردد الخارج على الوجه المذكور في العود وعدمه ، وما لو ذهل عن القصد إلى المفارقة أو العود بنية إقامة عشرة أو لا معها ، وهو في الإشكال مثل سابقه لعدم تحقق القصد إلى المسافة في الجميع
__________________
(١) ص ٤١٥.