ظاهر كلام جل الأصحاب انما هو الوجوب وان عبروا عنه بعبارة مجملة وان لم يفصح بذلك إلا المرتضى (رضى الله عنه) وابن الجنيد.
السابع ـ قد صرح المحقق في الشرائع بأن هذه الصلاة تخالف صلاة الجماعة في ثلاثة أشياء : انفراد المؤتم وتوقع الإمام للمأموم حتى يتم وامامة القاعد بالقائم واعترضه في المدارك ، اما بالنسبة إلى الأول فقال : انه لا يخفى ان انفراد المؤتم إنما تحصل به المخالفة على قول الشيخ من المنع من المفارقة في حال الاختيار ، اما ان سوغناها مطلقا كما هو المشهور فلا تتحقق المخالفة بذلك لصلاة المختار ، اللهم إلا أن يقال بوجوب الانفراد هنا فتحصل المخالفة بذلك. انتهى. وهو جيد.
وأما بالنسبة الى الثاني فقال فيه على أثر الكلام الأول : وكذا الكلام في توقع الإمام المؤتم حتى يتم فإنه جائز مع الاختيار ، مع انه غير لازم في هذه الصلاة كما دلت عليه صحيحة عبد الرحمن المتقدمة حيث وقع التصريح فيها بان الامام يتشهد ويسلم على الفرقة الثانية ثم يقومون بعد ذلك ويتمون صلاتهم. انتهى.
أقول : لا يخفى انه يمكن تطرق المناقشة الى هذا الكلام ، فان ما ذكره من جواز انتظار الإمام المأموم حتى يتم مع الاختيار لا أعرف عليه دليلا ، فان ذلك لا محل له إلا في مسألة المسبوق ، واخبار المسبوق على تعددها دالة على ان الامام متى تمت صلاته سلم ولم ينتظر بسلامه إتمام المأمومين. نعم دلت على ان الأفضل له أن لا يفارق مصلاه حتى يتم المسبوق صلاته. واما قوله : «على انه غير لازم في هذه الصلاة كما دلت عليه صحيحة عبد الرحمن» فان ظاهرها انه وان لم يكن لازما إلا انه جائز ، وهو الظاهر لما عرفت من ما تقدم في الموضع الثاني من دلالة ظاهر روايتي قرب الاسناد على ما ذكره الأصحاب وان الظاهر هو القول بالتخيير جمعا بين الأخبار ، وهذا يكفي في الفرق متى قلنا بعدم جواز توقع الإمام للمأموم حتى يتم في مسألة المسبوق لعدم الدليل عليه كما عرفت ، وهنا يجوز ذلك لما ذكرنا وهو ظاهر في الفرق وبالجملة فإن كلامه هنا لا يخلو من تأمل لما عرفت.