أقول : قد قدمنا ان ظاهر الخبر المذكور وكذا غيره من ما ورد بهذا المضمون ان التقدير بهذا المقدار على جهة الوجوب والشرطية لصحة القدوة فلو زاد على ذلك بطلت القدوة ، لأن الرواية قد اشتملت على النهى عن التباعد بين الامام والمأموم وبين المأمومين بعضهم مع بعض بما لا يتخطى ، وان نهاية ما يتخطى الذي يجوز التباعد به قدر مسقط جسد الإنسان حال السجود. والأصحاب لما حملوا الرواية في ما اشتملت عليه من تحديد البعد على الاستحباب ـ حيث انهم فسروه بما يرجع الى العرف والعادة ـ فرعوا عليه ما ذكروه هنا من الاستحباب ، ومن عمل بظاهر الخبر المذكور كما أوضحناه آنفا فإنه يصير هذا الحد بين الصفوف نهاية الجواز فلو زاد على ذلك بطلت القدوة.
ومنها ـ انه يستحب تسبيح المأموم إذا فرغ من قراءته قبل الإمام في موضع يجوز له القراءة فيه كما في الجهرية إذا لم يسمع ولا همهمة فإنه متى قرأ وفرغ قبل الإمام فإنه يستحب له ان يسبح حتى يفرغ الامام ، وله ايضا ان يمسك آية حتى إذا فرغ الإمام قرأها وركع بعدها :
روى الشيخ في الموثق عن عمر بن أبي شعبة عن ابى عبد الله عليهالسلام (١) قال : «قلت له أكون مع الإمام فأفرغ قبل أن يفرغ من قراءته؟ قال فأتم السورة ومجد الله واثن عليه حتى يفرغ».
وعن زرارة في الموثق (٢) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الإمام أكون معه فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ؟ قال فأمسك آية ومجد الله واثن عليه فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع».
وقد ورد نحو ذلك في الصلاة خلف المخالفين إذا فرغ المأموم من قراءته قبل الإمام (٣) فإنه يتخير بين الأمرين المذكورين :
روى الكليني في الكافي في الموثق عن إسحاق بن عمار عن من سأل أبا عبد الله
__________________
(١ و ٢ و ٣) الوسائل الباب ٣٥ من صلاة الجماعة.