المشاهد المشرفة فقال في الذكرى : انا لم نقف لهما على مأخذ في ذلك والقياس عندنا باطل
الثالث ـ ظاهر أصحابنا (رضوان الله عليهم من غير خلاف يعرف ان التخيير في هذه المواضع مخصوص بالصلاة دون الصوم لخلو الأخبار الواردة في المسألة من التعرض له ، بل اشعار بعض الروايات المتقدمة وهي الرواية السادسة بالعدم ، حيث سئل فيها عن إتمام الصلاة والصيام في الحرمين فأجاب عليهالسلام عن الصلاة خاصة واضرب عن الصيام والظاهر انه لعدم جريان الحكم فيه. وما ربما يوجد في بعض النسخ بلفظ ضمير التثنية فالظاهر انه غلط من النساخ بل الأظهر ما في أكثر النسخ المعتمدة بضمير الافراد الراجع إلى الصلاة خاصة كما يؤيده قوله عليهالسلام : «ولو صلاة واحدة».
ومن أظهر ما يدل على ذلك صحيحة أحمد بن محمد بن ابى نصر البزنطي (١) قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الصيام بمكة والمدينة ونحن في سفر فقال أفريضة؟ فقلت لا ولكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة. قال فقال تقول اليوم وغدا؟ فقلت نعم. فقال لا تصم». والتقريب فيها ان المنع عن التطوع مستلزم للمنع عن الواجب بطريق أولى.
وما ربما يتوهم من جواز ذلك ـ استنادا إلى صحيحة معاوية بن وهب عن ابى عبد الله عليهالسلام (٢) قال : «قلت دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا؟ قال قصر وأفطر. قلت فانى مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله واقصر؟ قال نعم هما واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت». وبهذا المضمون روايات أخر تقتضي جواز الصيام مع الإتمام ـ فقد أجاب عنه شيخنا المجلسي في البحار بأنه يمكن أن يكون المراد به القصر على الحتم كما هو الغالب. انتهى. وهو جيد لما عرفت في غير مقام من ما تقدم ان
__________________
(١) الوسائل الباب ١٢ ممن يصح منه الصوم.
(٢) الوسائل الباب ١٥ من صلاة المسافر.