السخيفة الشارة التي قد عرفت انه لو انفتح في أمثالها الباب لانسد باب الاستدلال وعلا الباطل الصواب.
وبالجملة فإن ما أطال به هذا الفاضل (قدسسره) حجة للقول المشهور ظاهر القصور واضح الفطور وان كان بزعمه انه كالنور على الطور في الظهور ، نعم ربما لاح من صحيحة هشام المشار إليها في كلامه (١) وقوله عليهالسلام فيها «المكاري والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان». ما ذكره إلا انها ليست ظاهرة في ذلك بل ربما كان الظاهر منها انما هو بيان ان هؤلاء الذين عادتهم الاختلاف كلما عرض لهم من يكتري دوابهم ليس لهم تأخر عن ذلك ولا توقف عنه ـ كما يشير اليه قوله في رواية إسحاق بن عمار المتقدمة «كلما جاءهم شيء اختلفوا» ـ يجب عليهم إتمام الصلاة والصوم وان أقاموا عشرة أو أزيد مع عدم وجود من يكتري دوابهم. ولا يخفى على الناظر في ما هو العادة الجارية الآن ان المكاري كثيرا ما يتوقف في وطنه أو البلد الذي يذهب إليه عشرة ، وبذلك صرح شيخنا المجلسي في البحار ايضا فقال : وقل مكار لا يقيم في بلده أو البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام. انتهى. وهو جيد وبه يعظم الاشكال. وكيف كان فالاحتياط في أمثال هذه المواضع طريق السلامة. والله العالم.
السابع ـ من الشروط المتقدمة ان يتوارى عن البيوت ـ بمعنى انه لا يراه أحد ممن كان عند البيوت التي هي آخر خطة البلد ـ أو يخفى عليه أذان البلد ، والمراد كفاية أحدهما في ترخص القصر والانتقال من الإتمام إلى التقصير.
والأصل في هذين الشرطين ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الصحيح عن محمد بن مسلم (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام رجل يريد السفر متى يقصر؟ قال إذا توارى من البيوت».
وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عنه عليهالسلام (٣) قال : «سألته
__________________
(١) ص ٣٩٠.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ٦ من صلاة المسافر.