ومن هنا صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بوجوب قضاء كل ما فاته عمدا أو سهوا بنوم أو سكر أو شرب مرقد أورده عن الإسلام إلا ما استثنى مما تقدم ذكره. والله العالم.
المسألة الثانية ـ لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أن من ترك الصلاة مستحلا تركها فان كان ممن ولد على فطرة الإسلام فإنه يقتل من غير استتابة. لأنه مرتد لإنكاره ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، ومن حكم المرتد الفطري القتل وان تاب ، إلا ان الاخبار ـ كما تقدم جملة منها في المقدمة الاولى من مقدمات هذا الكتاب ـ دلت على الكفر مطلقا من غير قيد الاستحلال ، وقد مر تحقيق الكلام في ذلك في الموضع المشار اليه (١) وبينا انه لا مانع من حمل الكفر فيها على المعنى الحقيقي.
قالوا : وفي حكم استحلال الصلاة استحلال شرط مجمع عليه كالطهارة أو جزء كالركوع دون المختلف فيه كتعين الفاتحة ووجوب الطمأنينة ، وكأنهم بنوا ذلك على الفرق بين ضروري الدين وضروري المذهب وإلا فتعين الفاتحة ووجوب الطمأنينة لا خلاف فيه عندنا وانما الخلاف فيهما بين العامة والخاصة. والفرق المذكور لا يخلو عندي من اشكال لعدم ظهور الدليل عليه.
وكيف كان فهذا الحكم مختص بالرجل دون المرأة فإنها لا تقتل بل تستتاب فإن أبت فإنها تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت.
وان كان التارك مستحلا مليا بان كان كافرا ثم أسلم استتيب أولا فإن امتنع قتل.
وان لم يكن مستحلا عزر فان عاد عزر فان عاد ثالثة قتل على قول وقيل انما يقتل في الرابعة ، والخلاف هنا مبنى على الخلاف في أصحاب الكبائر هل يقتلون في الثالثة أو الرابعة؟ ولتحقيق المسألة محل آخر.
__________________
(١) ج ٦ ص ١٨.