الأرض الذي هو عبارة عن السير فيها ، وحينئذ فيكون ما دلت عليه هذه الأخبار مخالفا لظاهر الآية ، واخبار الترخص بوصول حد الخفاء منطبقة عليها وموافقة لها فترجح بذلك على هذه الأخبار ، ولا يبعد حمل هذه الأخبار على التقية كما احتمله بعض أصحابنا أيضا ولعله الأرجح وان لم يعلم القائل منهم بذلك (١) وكيف كان فالقول المعتمد في المسألة ما قدمنا ذكره أولا. والله العالم.
تنبيهات
الأول ـ قال في المدارك : وذكر الشارح ان المعتبر في رؤية الجدار صورته لا شبحه ومقتضى الرواية اعتبار التواري من البيوت ، والظاهر ان معناه وجود الحائل بينه وبينها وان كان قليلا وانه لا يضر رؤيتها بعد ذلك لصدق التواري أولا وذكر الشهيدان ان البلد لو كانت في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا ويحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفض كيف كان لا طلاق الخبر. انتهى. هكذا في بعض نسخ الكتاب وفي بعضها : ومقتضى الرواية التواري من البيوت والظاهر ان معناه استتاره عنها بحيث لا يرى لمن كان في البلد وذكر الشهيدان. الى آخر ما تقدم.
والظاهر ان النسخة الأولى هي القديمة التي خرجت عنه أولا والثانية تضمنت العدول عن ما ذكره أولا ، وقد وقع له مثل ذلك في مواضع من شرحه هذا كما في مسألة القراءة في صلاة الجمعة ، إلا ان قوله بعد ذكر ما نقله عن الشهيدين في العلو
__________________
(١) في المغني ج ٢ ص ٢٥٩ عن سليمان بن موسى وعطاء انهما باحا القصر في البلد لمن نوى السفر ، وعن الحارث بن أبي ربيعة انه أراد سفرا فصلى في منزله ركعتين وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب عبد الله ، ورى عبيد بن جبير قال : كنت مع ابى بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداءه فلم يجاوز حتى دعا بالسفرة ثم قال اقترب. قلت ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة أترغب عن سنة رسول الله «ص» فأكل رواه أبو داود.