وعلى هذا فيفتقر المكلف في عوده الى التقصير بعد الصلاة على التمام الى قصد مسافة جديدة يشرع فيها القصر ، ولو رجع الى موضع الإقامة بعد إنشاء السفر والوصول الى محل الترخص لطلب حاجة أو أخذ شيء لم يتم فيه مع عدم عدوله عن السفر بخلاف ما لو رجع الى بلده لذلك ، ولو بدا له العدول عن السفر أتم في الموضعين. انتهى. وهو جيد.
إلا انه بقي هنا شيء لم ينبهوا عليه ولم يتنبهوا اليه وهو غير خال من الإشكال ، وذلك فإنهم قد ذكروا كما نبه عليه هنا انه بنية الإقامة والصلاة تماما فإنه ينقطع السفر ويجب البقاء على التمام حتى يعزم المسافة ، وظاهرهم الاتفاق عليه وعليه دلت صحيحة أبي ولاد الآتية ان شاء الله تعالى قريبا (١) مع انهم قد صرحوا كما تقدم في كلام السيد السند نقلا عن جده (قدس الله روحيهما) باشتراط التوالي في العشرة بمعنى انه لو خرج في ضمنها الى ما دون المسافة ولو الى محل الترخص قطع إقامته ، ومقتضى بطلان الإقامة بطلان الصلاة تماما والرجوع الى التقصير وان كان قد صلى تماما بتلك النية أولا ، مع ان صحيحة أبي ولاد المعتضدة باتفاق الأصحاب دلت على وجوب البقاء على التمام بعد نية الإقامة والصلاة تماما الى أن يقصد المسافة والمدافعة بين الحكمين ظاهرة ، لأن مقتضى الحكم الأول هو وجوب الإتمام بعد النية والصلاة تماما الى أن يقصد المسافة وهو أعم من أن يخرج في ضمن العشرة أو لا يخرج ، ومقتضى الحكم الثاني الحكم ببطلان الإقامة بالخروج صلى أو لم يصل
ويمكن أن يقال في الجواب بتقييد الإطلاق الأول بالحكم الثاني بمعنى انه يشترط في وجوب الإتمام ودوامه شروط ثلاثة : نية الإقامة والصلاة تماما وعدم الخروج من موضع الإقامة على الوجه المذكور في كلامهم. ويحتمل ايضا أن يسند وجوب الاستمرار على التمام إلى الصلاة لا إلى النية ، بمعنى أن يقال ان نية الإقامة قد انتقضت وبطلت في الصورة المذكورة بالخروج عن موضع الإقامة ، ووجوب البقاء على التمام انما هو بسبب الصلاة تماما بعد تلك النية ، فعلى هذا تصير الصلاة بعد تلك
__________________
(١) تقدمت ص ٣٤٢.