وفيه دلالة على ان التقصير نسيانا في موضع يجب الإتمام فيه موجب للإعادة وقتا وخارجا كما هو ظاهر فتوى الأصحاب. والله العالم.
المسألة الثالثة ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في حكم صلاة المسافر في المواضع الأربعة المشهورة ، فالمشهور التخيير بين القصر والإتمام مع أفضلية الإتمام ، ولم ينقل الخلاف هنا إلا عن الصدوق والمرتضى وابن الجنيد ، اما الصدوق فإنه ذهب كما هو مذهب المخالفين إلى مساواة هذه المواضع الأربعة لغيرها من البلدان التي يتحقق السفر إليها في وجوب التقصير ما لم ينقطع سفره بأحد القواطع المتقدمة إلا انه جعل الأفضل له نية المقام فيها والصلاة تماما ، وسيأتي نقل كلامه في ذلك ان شاء الله تعالى. وأما المرتضى وابن الجنيد فظاهر كلاميهما المنع من التقصير في هذه المواضع الأربعة وألحقا بها في ذلك ايضا المشاهد المشرفة والضرائح المنورة. والظاهر عندي من الأقوال هو ما عليه الأكثر من علمائنا الإبدال كما استفاضت به اخبار الآل عليهم صلوات ذي الجلال.
وها أنا أذكر ما وصل الى من الأخبار المتعلقة بهذه المسألة من ما في الكتب المشهورة وغيرها مذيلا لها بما يكشف عن معانيها نقاب الإبهام ويجلو عن مضامينها غشاوة الإبهام لما ذهب إليه أولئك الأعلام بتحقيق شاف لم يسبق اليه سابق وبيان وأف للنصوص المعصومية مطابق وموافق فأقول وبالله سبحانه التوفيق والإعانة لإدراك المأمول :
الأول ـ ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عيسى (١) وكذا رواه الصدوق عنه في الخصال (٢) وابن قولويه في المزار بالإسناد المذكور (٣) قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام من مخزون علم الله الإتمام في أربعة مواطن : حرم الله وحرم رسول الله صلىاللهعليهوآله وحرم أمير المؤمنين عليهالسلام وحرم الحسين بن على عليهالسلام».
الثاني ـ ما رواه في الصحيح عن مسمع عن أبي إبراهيم عليهالسلام (٤) قال : «كان
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤) الوسائل الباب ٢٥ من صلاة المسافر.