كلام جمهور المتقدمين من القول بالمضايقة كما تقدم تحقيقه في محله فإنه لا يشرع له الإتيان بالحاضرة مطلقا إلا في آخر وقتها في أي مكان كان.
وكيف كان فهذا القول لا يظهر له وجه على كل من القولين ، فان ظاهره جواز الصلاة قصرا وانما منع من الركعتين الأخيرتين حيث انهما نافلة ومستحبة وهي غير مشروعة لمن عليه فريضة واجبة. وفيه ان عموم الأخبار الدالة على التخيير دال على الصحة في ما نحن فيه ، مع انا نمنع ما ذكره من الاستحباب بل هاتان الركعتان باختيار الإتمام يكون من قبيل الواجب. وبالجملة فالظاهر ان كلامه لا وجه له يعتمد عليه.
التاسع ـ لو ضاق الوقت إلا عن أربع ركعات فقيل بوجوب القصر لتقع الصلاتان في الوقت ، واستظهره السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة ، وقيل يجوز الإتيان بالعصر تماما في الوقت لاختصاصها بمقدار الأربع ركعات من آخر الوقت وقضاء الظهر. والظاهر ضعفه فان اختصاص هذا المقدار بها إنما يتم لو كانت يتعين الإتيان بها أربعا وليس كذلك. وقيل يجوز الإتمام في العصر لعموم «من أدرك» (١) يعنى انه يصلى الظهر قصرا أولا ثم يصلى العصر تماما وان وقع بعضها خارج الوقت لعموم الخبر المذكور. وضعفه في المدارك بأنه وان تحقق بذلك إدراك الصلاة إلا انه لا يجوز تعمده اختيارا لاقتضائه تأخير الصلاة عن وقتها المعين لها شرعا. انتهى. والله العالم.
المسألة الرابعة ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ما لو دخل عليه الوقت في الحضر ثم سافر قبل الصلاة حتى تجاوز محل الترخص ، فقيل بوجوب الإتمام عليه مطلقا اعتبارا بحال الوجوب ، ونقل ذلك عن جمع من الأصحاب : منهم ـ ابن ابى عقيل والصدوق في المقنع واختاره العلامة في جملة من كتبه وشيخنا الشهيد الثاني في المسالك ، ونقل في الروض ان القول بالإتمام في هذه المسألة
__________________
(١) الوسائل الباب ٣٠ من مواقيت الصلاة.