ابى الحسن الرضا عليهالسلام (١) قال : «سألته عن الرجل يريد السفر في كم يقصر؟ قال في ثلاثة برد».
وعن ابى بصير عن ابى عبد الله عليهالسلام (٢) قال : «لا بأس للمسافر ان يتم في السفر مسيرة يومين». ـ
فالظاهر حملها على التقية كما أجاب به الشيخ عن الخبرين الأخيرين حيث قال انهما غير معمول عليهما لموافقتهما العامة. وهكذا ينبغي أن يقال في الخبر الأول.
ولا بأس بالإشارة هنا إلى أقوال العامة في اعتبار المسافة وعدمها وقدرها كما ذكره بعض مشايخنا المحدثين من متأخري المتأخرين.
فنقول : اعلم ان بعضا منهم لم يشترط مسافة مخصوصة بل ذهب الى انه متى صدق عليه اسم المسافر فله القصر ، ونقل ذلك عن داود ومحمد بن لحسن. والمشهور اعتبار المسافة لكن اختلفوا في قدرها فنقلوا عن دحية الكلبي انها فرسخ ، ونقل عن بعض قدمائهم انها روحة أي ثمانية فراسخ ، وعن آخر انها يوم وليلة ، وعن بعض مسيرة ثلاثة أيام ، ونسب هذا الى ابى حنيفة وجماعة (٣) وستأتي هذه الأقوال الثلاثة في مرسلة محمد بن يحيى الخزاز ، ومن هنا يعلم ان ما دل عليه صحيح زكريا بن آدم المذكور من التقدير بيوم وليلة موافق لبعض أقوالهم كما عرفت. وعن جمع منهم أنها ثلاثة برد يعني اثنى عشر فرسخا (٤) ومنه يعلم ان ما تضمنه صحيح البزنطي من تفسيرها بذلك فإنه موافق لهذا القول. وعن جملة منهم الشافعي ومالك كونها مسيرة يومين عبارة عن ستة عشر فرسخا (٥) ومنه يعلم ان ما اشتملت عليه رواية أبي بصير من تحديدها بيومين فإنها خرجت مخرج هذا القول.
إذا عرفت ذلك فتحقيق الكلام في هذا المقام يتوقف على بسطه في موارد : أولها ـ قد عرفت ان المسافة الموجبة للتقصير ثمانية فراسخ ، والفرسخ عندهم ثلاثة
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ١ من صلاة المسافر.
(٣ و ٤ و ٥) عمدة القارئ ج ٣ ص ٥٣١ والمجموع للنووي ج ٤ ص ٣٢٥.