فتحضر الصلاة فيقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان؟ فقال ان رسول الله صلىاللهعليهوآله قال يتقدم القوم أقرأهم للقرآن فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فان كانوا في السن سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين. ولا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله ولا صاحب سلطان في سلطانه».
أقول : وعندي في ما ذكروه (رضوان الله عليهم من التفصيل في هذا المقام نظر لا يخفى على من تأمل من ذوي الأفهام ، فإن ما ذكروه من هذا التفصيل ـ باتفاق المأمومين واختلافهم وانه مع تشاح الأئمة في الإمامة يؤخذ باتفاق المأمومين ونحو ذلك من ما هو مذكور ـ لا أعرف له وجها ولا عليه دليلا إلا مجرد اعتبارات تخريجية لا تصلح مستندا للأحكام الشرعية ، والنص المذكور الذي هو المستند في هذا المقام قد دل على ان الأحق بهذا المقام والأولى بأن يكون الامام هو من كان أقرأ. إلى آخر ما تضمنه الخبر من المراتب ، ولا تعلق لذلك باتفاق المأمومين ولا باختلافهم ولا رضاهم ولا كراهتهم ولا تشاح الأئمة ولا عدمه ، فلو فرض وجود أئمة متعددين وحصول المشاحة بينهم فلا وجه للترجيح بينهم بالاتفاق على من لم يكن على الصفة المذكورة في الخبر لان فيه ردا للنص المذكور. وأولى بالعدم الترجيح باختيار الأكثر. ولا معنى لتشاح الأئمة مع كون النبي صلىاللهعليهوآله قد قرر لهم ودلهم على ان صاحب هذا المقام هو من كان متصفا بتلك الصفة ، بل الأولى لهم ان كانوا على الطريقة القويمة ومن العاملين بالسنة المستقيمة هو تقديم من كان كذلك عملا بما رسمه لهم ، وإلا فقد خالفوا الوظائف الشرعية ورجع تشاحهم الى التكالب على الرئاسة الدنيوية إلا ان يدعى كل واحد منهم انه المتصف بذلك دون غيره وهو خارج عن ما نحن فيه. واما مسألة كراهة المأمومين الإمام فلا تعلق لها بهذا المقام. وبالجملة فكلامهم هنا لا أعرف له مزيد فائدة.
بقي الكلام هنا في مواضع (الأول) ـ في ما دل عليه الخبر المذكور من هذه المراتب المذكورة.