قال عزوجل : «وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ... الآية» (١).
وتحقيق الكلام في هذا المقام يتوقف على بسطه في مسائل الأولى ـ لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم في وجوب التقصير في صلاة الخوف إذا وقعت سفرا وانما الخلاف في ما إذا وقعت حضرا ، فنقل عن الأكثر ومنهم ـ المرتضى والشيخ في الخلاف وابن الجنيد وابن ابى عقيل وابن البراج وابن إدريس إنهم ذهبوا الى وجوب التقصير سفرا وحضرا جماعة وفرادى ، وقال الشيخ في المبسوط انها انما تقصر في الحضر بشرط الجماعة ونسبه الشهيد الى ابن إدريس وظاهر جماعة من الأصحاب ، وحكى المحقق في المعتبر وقبله ابن إدريس في السرائر قولا عن بعض الأصحاب بأنها إنما تقصر في السفر خاصة ، وحينئذ ففي المسألة أقوال ثلاثة ، والسيد السند في المدارك قد نسب القول الأول الى ابن إدريس والشهيد في الذكرى نسب اليه القول الثاني ، وظاهر الذي وقفت عليه في السرائر من عبارته في هذه المسألة انما يدل على ما ذكره في المدارك ، حيث قال : واعلم ان الخوف إذا انفرد عن السفر لزم فيه التقصير في الصلاة مثل ما يلزم في السفر إذا انفرد على الصحيح من المذهب ، وقال بعض أصحابنا لا قصر إلا في حال السفر والأول عليه العمل. وظاهره فيه الاقتصار على نقل القول الأول والثالث ، وأما الثاني فلم يتعرض له فنقل الشهيد (قدسسره) ذلك عنه لا يخلو من غفلة. وصاحب الذخيرة قد نقل عنه القولين تبعا للقولين وهو غير جيد لما عرفت من ظهور عبارته في ما ذكره في المدارك ، واحتمال كون ذلك في غير كتاب السرائر بعيد جدا.
واستدل على القول المشهور بقوله عزوجل «وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ» (٢) قيل : والتقريب فيها ان الظاهر انه ليس المراد بالضرب سفر التقصر وإلا لم يكن في التقييد بالخوف فائدة.
وبقوله تعالى «وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ
__________________
(١) سورة النساء الآية ١٠٣.
(٢) سورة النساء الآية ١٠٢.