عليهم ان الوجه في ما ذهب اليه الصدوقان من القول الثاني من الأقوال المتقدمة في صدر المسألة هو الجمع بين أخبار المسألة كالأقوال الباقية ، والظاهر ان الحال ليس كذلك فان هذا القول المذكور قد صرح به الرضا عليهالسلام في كتاب الفقه الرضوي ومن الظاهر بناء على ما عرفت في غير موضع من ما تقدم وسيأتي ان شاء الله تعالى أمثاله ان مستندهما في هذا القول انما هو الكتاب المذكور ، حيث قال عليهالسلام في الكتاب المشار إليه (١) : فإن كان سفرك بريدا واحدا وأردت أن ترجع من يومك قصرت لان ذهابك ومجيئك بريدان. ثم قال بعد هذا الكلام بأسطر : وان سافرت الى موضع مقدار أربعة فراسخ ولم ترد الرجوع من يومك فأنت بالخيار فإن شئت أتممت وان شئت قصرت. انتهى. وهو صريح في القول المذكور إلا ان الظاهر انه لا يبلغ قوة في معارضة ما ذكرنا من الأخبار الصحيحة الصريحة المتعددة المذكورة في القسم الثالث وكذا الأخبار الآتية في المقام الثاني من ما تدل على القول المختار في المسألة ، فإن الجميع متى ضم بعضه الى بعض صريح الدلالة واضح المقالة في أن قاصد الأربعة مع ارادة الرجوع يجب عليه التقصير ما لم ينقطع سفره بأحد القواطع الثلاثة المعلومة ولا تخصيص للوجوب بالرجوع ليومه ولا مجال للتخيير بوجه ، فالواجب رد هذا الكلام إلى قائله حسبما أمروا به صلوات الله عليهم في أمثال هذا المقام.
واما ما تقدم نقله عن بعض الأصحاب ـ من الميل الى حمل أخبار الأربعة على أقل ما يجب فيه التقصير مدعيا انه مذهب الشيخ الكليني عطر الله مرقده) حيث انه اقتصر على نقل أخبار الأربعة خاصة ـ
ففيه أولا ـ انه لا يخفى ان ما استند اليه من الأخبار المطلقة انما يتم لو لم يكن في الباب إلا هي واما مع وجود الأخبار المقيدة كاخبار القسم الثاني من اخبار الأربعة فإن مقتضى القاعدة حمل المطلق من الأخبار على المقيد ، وبه يزول الاستناد إلى إطلاق الأخبار المذكورة ، فإنها متى قيدت بالذهاب والإياب رجعت
__________________
(١) ص ١٦.