فيه خلافا ، والخبر إنما دل على بطلان القدوة بالحائل والساتر من جدار ونحوه لا بحيلولة المأمومين بعضهم ببعض. وبالجملة فالأصل وعموم الأدلة يقتضي صحة القدوة في الصورة المذكورة مضافا الى دعوى الاتفاق على ذلك.
الرابع ـ نقل عن ابى الصلاح وابن زهرة المنع من حيلولة النهر بين الامام والمأموم ، قال في المدارك فإن أرادا به ما لا يمكن تخطيه من ذلك كان جيدا لإطلاق صحيحة زرارة المتقدمة ، وان لم يعتبرا فيه هذا القيد طولبا بالدليل على الإطلاق. وقال في الذكرى : ومنع أبو الصلاح وابن زهرة من حيلولة النهر لرواية زرارة السالفة وقد بينا حملها على الاستحباب.
أقول : سيأتي ان مذهب هذين الفاضلين هو تفسير البعد الموجب لبطلان القدوة بما لا يتخطى وهو الذي دل عليه الخبر المشار اليه ، وسيأتي في معنى الخبر المذكور انه لا بد من تواصل الصفوف بعضها مع بعض وهكذا مع الإمام ، بان لا يزيد ما بين موقف الصف الثاني إلى الصف الذي قدامه على مسقط جسد الإنسان حال سجوده وان هذا هو الحد الذي يتخطى عادة وما زاد عليه فهو مما لا يتخطى ، ولا ريب ان النهر إذا فصل بين الصفوف أو بين الامام والصف فقد حصلت الزيادة في المسافة المعتبرة وانتهت الى ما لا يتخطى.
وبذلك يظهر ان كلامهما هنا يرجع الى ما ذكروه ثمة كما قدمنا نقله عنهما ، وهو جيد عند من عمل بالخبر المذكور كما يشير اليه كلام صاحب المدارك دون من يتأوله كما يشير اليه كلام صاحب الذكرى.
الخامس ـ تجوز الصلاة بين الأساطين مع المشاهدة واتصال الصفوف لقوله عليهالسلام في صحيحة الحلبي (١) «لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا». وقال في كتاب الفقه الرضوي (٢) : نقلا عن العالم عليهالسلام قال :
«وقال لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا». وهو يشتمل ما لو كانت الأساطين
__________________
(١) الوسائل الباب ٥٩ من صلاة الجماعة.
(٢) ص ١١.