واما ما ذكره في الذكرى ـ من ان قاصد الأقرب متى رجع بالأبعد فإنه يتم في ذهابه ويقصر في رجوعه خاصة ـ فهو مبنى على ما هو المشهور بينهم من عدم ضم الذهاب إلى الإياب إلا في قصد الأربعة. وفيه ما سيأتي ان شاء الله تعالى في موضعه من أنه لا دليل عليه غير مجرد الشهرة بينهم.
وتاسعها ـ قال في الذخيرة : لو تردد يوما في ثلاثة فراسخ ذاهبا وجائيا ، فإن بلغ في الرجوع الى موضع سماع الأذان ومشاهدة الجدران فالظاهر انه لا خلاف في عدم القصر ، وان لم يبلغ فالمقطوع به في كلام أكثر الأصحاب انه لم يجز القصر وخالف فيه المصنف في التحرير ، واستدل على الأول بوجهين : (أحدهما) ان من هذا شأنه ينقطع سفره بالرجوع وان كان في رجوعه لم ينته الى الحد المذكور وإلا لزم القصر لو تردد في ثمانية فراسخ خمس مرات (١) وبان مقتضى الأصل لزوم الإتمام خرج منه قاصد الثمانية والأربعة التي لا تكون ملفقة من الذهاب والإياب لأنه المتبادر من اللفظ فيبقى الباقي على الأصل. وللتأمل في الوجهين طريق. انتهى.
أقول : الظاهر ان ما ذكره من هذا التفصيل والاستدلال في المقام وما وقع له فيه من النقض والإبرام من متفرداته (قدسسره) وتخريجاته ، ومقتضى ما صرح به الأصحاب هنا كالعلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى هو ان التردد في ثلاثة فراسخ ذاهبا وجائيا غير موجب للقصر ثلاث مرات وأزيد بلغ محل الترخص أم لم يبلغ لعدم صدق المسافر عليه ، وهو التحقيق في المقام الذي لا يعتريه نقض ولا إبرام ، لأن وجوب التقصير تابع لصدق السفر مع استكمال شروطه. ومثل هذا لا يسمى مسافرا عرفا ولا شرعا.
قال في المنتهى : لو كانت المسافة ثلاثة فراسخ وتردد فيها ثلاث مرات لم
__________________
(١) في الذخيرة في التنبيه السابع من تنبيهات الشرط الأول هكذا : «ولو تردد في فرسخ واحد ثماني مرات».