أقول : فيه (أولا) ـ ان الظاهر من كلام العامة ـ على ما نقله بعض محققي متأخري المتأخرين ـ خلاف ما ذكره (قدسسره) فإنه نقل ان مذهب الشافعية الفرق في ذلك بين المساجد وغيرها ، قال البغوي في التهذيب : فان تباعدت الصفوف أو بعد الصف الأول عن الامام نظر ان كانوا جميعا في مسجد واحد صحت صلاتهم مع الامام ، وان بعدوا واختلف بهم البناء أو كان بين الامام والمأموم حائل. الى ان قال : وان كانوا في غير المسجد فان كان بين المأموم والامام أو بينه وبين الصف الآخر ثلاثمائة ذراع أو أقل صحت. انتهى. وهو صريح في عدم اعتبار الصفوف كما زعمه (قدسسره). وقال في شرح المنهاج : واشترطوا ان يجمع الامام والمأموم المسجد وان بعدت المسافة وحالت الأبنية نافذة أغلق أبوابها أم لا ، وقيل لا تصح في الإغلاق. وهو كما ترى ظاهر في انهم لم يشترطوا في المساجد غير ذلك من قرب المسافة أو وجود الصفوف فضلا عن اتصالها لكن لا بد أن يعلم بانتقالات الامام إما برؤية شخصه أو يسمعه أو يبلغه غيره. ومذهب مالك على ما ذكره العثماني في كتابه انه إذا صلى في داره بصلاة الامام وهو في المسجد وكان يسمع التكبير صح الاقتداء إلا في الجمعة فإنها لا تصح إلا في الجامع أو في رحابه إذا كان متصلا به ، وقال أبو حنيفة يصح الاقتداء في الجمعة وغيرها ، وقال عطاء الاعتبار العلم بصلاة الإمام دون المشاهدة وعدم الحائل وحكى ذلك عن النخعي والحسن البصري (١) انتهى. ومقتضاه ان أبا حنيفة قائل
__________________
(١) في المجموع للنوى الشافعي ج ٤ ص ٣٠٩ «فرع في مسائل : إحداها ـ يشترط ان لا تطول المسافة بين الامام والمأمومين إذا صلوا في غير المسجد وبه قال جماهير العلماء ، وقدر الشافعي القرب بثلاثمائة ذراع ، وقال عطاء يصح مطلقا وان طالت المسافة ميلا وأكثر إذا علم صلاته. الثانية ـ لو حال بينهما طريق صح الاقتداء عندنا وعند مالك والأكثرين ، وقال أبو حنيفة لا يصح. الى آخر ما تقدم في التعليقة (١) ص ١٠٣ الثالثة ـ لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد وحال بينهما حائل لم يصح عندنا وبه قال احمد ، وقال مالك تصح إلا في الجمعة ، وقال أبو حنيفة تصح مطلقا».