[أَلَا أَبْلِغ أبا حَفْصٍ رَسُولاً] |
|
فِدًى لكَ من أَخِي ثِقَةٍ إزَارِي (١) |
وهذا كما قيل في قول ليلى :
رَمَوْها بأَثوابٍ خفاف [فلَنْ تَرَى |
|
لها شبهاً إلا النَّعامَ المنفَّرا] |
أَرَادت النفوس.
كان إذا دخل العَشْرُ الأَواخر أيقظ أهلَه وشَدَّ المِئزَر ـ ورُوي : ورفع المِئزَر.
أي أيقظهم للصلاة واعتزل النساءَ ، فجعل شدُّ الإِزار كنايةً عن الاعتزال كما يُجعل حَلُّه كناية عن ضدِّ ذلك. قال الأخطل :
قومٌ إذا حاربُوا شَدُّوا مَآزرهم |
|
دون النساءِ ولو باتت بأطْهَار (٢) |
ويجوز أَن يُرَاد تشميره للعِبادة ، ومن شأن المشمّر المنكمش أن يقلّص إزاره ويرفع أطرافَه ويشدها. وقد كثر هذا في كلامهم حتى قال الراجز في وصف حمار وحشٍ ورَدَ ماءً :
شَدَّ على أَمْرِ الورُودِ مِئزَرَهْ |
|
[لَيْلاً وما نَادَى أَذِينُ المَدَرَهْ](٣) |
[آزاه] : اخْتَلف مَن كان قبلنا على ثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاثٌ وهلك سائرُها ؛ فرقة آزَتِ الملوكَ وقاتلتهم على دينِ الله ودينِ عيسى حتى قُتِلوا. وفرقة لم تكن لهم طاقةٌ بمؤازاة الملوك ، فأقاموا بين ظَهْرَانَي قومِهم فدعَوْهم إلى دينِ الله ودين عيسى ؛ فأَخذتهم الملوك فقتلتهم وقطعتْهم بالمنَاشِير. وفرقة لم تكن لهم طاقة بمؤازاة الملوك ولا بأَنْ يقيموا بين ظَهْرَاني قومهم فيَدْعوهم إلى دين الله ودين عيسى فساحُوا في الجبال وترهَّبوا ، وهم الذين قال الله تعالى [فيهم] : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) [الحديد : ٢٧].
المُؤازَاة : المُقَاومة ، من قولك : هو إزَاء مال ، أي قائم به.
سائرها : باقيها ، اسم فاعل من سأَر إذا بقي ، ومنه السؤر. وهذا مما تغلط فيه الخاصة فتضعُه موضعَ الجميع.
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو لبقيلة الأكبر الأشجعي وكنيته أبو المنهال ، في لسان العرب ٤ / ١٧ (أزر) ، والمؤتلف والمختلف ص ٦٣ ، وعجزه في لسان العرب منسوباً إلى جعدة بن عبد الله السلمي ؛ وبلا نسبة في شرح اختيارات المفضَّل ص ٢٥٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٦٢ ، ولسان العرب ٧ / ٨١ (قلص).
(٢) البيت من البسيط ، وهو للأخطل في ديوانه ص ٨٤ ، وحماسة البحتري ص ٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٦ ، ونوادر أبي زيد ص ١٥٠ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٥ ، ورصف المباني ص ٢٩١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٠١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٨٣ ، ٥٨٤ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٦٤ ، والمقرب ١ / ٩٠.
(٣) الأذين : هو المؤذن ، والمدرة : القرية (لسان العرب : مدر).