وعنه كنا نَعُدُّ الإمَّعَة في الجاهلية الذي يتْبَعُ الناسَ إلى الطَّعَامِ من غيرِ أَنْ يُدْعَى ؛ وإنَ الإمَّعَة فِيكم اليومَ المُحْقِبُ النَّاسَ دينَه.
الإِمَّعَة : الذي يَتْبَع كلَّ ناعقٍ ، ويقول لكل أحد : أنا مَعك ؛ لأنه لا رَأْيَ له يرجع إليه.
ووَزْنه فِعَّلة كدِنَّمَة (١) ، ولا يجوز الحكم عليه بزيادة الهمزة ؛ لأنه ليست في الصفات إفْعَلة ، وهي في الأسماء أيضاً قليلة.
المُحُقِب : المُرْدِف ، من الحقيبة ، وهي كل ما يجعله الراكب خَلْف رحله.
ومعناه المقلّد الذي جعل دينه تابعاً لدينِ غيره بلا رَوِيَّة ولا تحصيل بُرْهان.
[أمم] : حُذيفة رضي الله عنه ـ مَا مِنَّا إلَّا رجلٌ به آمَّة يُبَجِّسُها الظُّفْر (٢).
هي الشجَّة التي تبلغ أُمَ الرأس ، والمَأْمُومة مثلها. يقال : أَمَمْتُ الرجلَ بالعصا إذا ضربتَ أمَ رأسه ؛ وهي الجلدة التي تجمَعُ الدِّماغ ، كقولك : رأَسْتُه وصَدَرْتُه وظهَرْتُه : إذا ضربتَ منه هذه المَوَاضع ؛ فالآمّ : الضَّارب ، والمأمومة : أم الرأس. وإنما قيل للشجة آمَّة ومأمومة بمعنى ذاتُ أَم ، كقولهم : رَاضية ، وسيل مُفْعم.
وفي الحديث : في الآمَّة ثُلث الدِّيَة ـ وروي في المأْمُومة.
يُبَجِّسُها : يُفَجِّرها. أراد ليس منا أحد إلا به عَيب فاحش. وضربَ الشجّة الممتلئةَ من القَيْح البالغةَ من النُّضْجِ غايتَه التي لا يعجز عنها الظّفر فيُحتاج إلى بَطِّها (٣) بالمِبْضَع مثلاً لذلك.
[أمت] : الخُدْرِيّ رضي الله عنه ـ إن الله حرَّم الخمر فلا أَمْتَ فيه.
أي لا نَقْصَ في تحريمها.
يعني أنه تحريم بليغ ، من قولهم : ملأ مَزادتَه حتى لا أَمْتَ فيها ؛ أو لا شكّ ، من قولهم : بيننا وبين الماء ثلاثة أميال على الأَمْت ؛ أي على الْحَزْر والتَّقْدِير ؛ لأن الحَزْر ظنٌّ وشكّ. أو لَا لينَ ولا هَوَادة ، من قولهم : سار سيراً لا أَمْتَ فيه.
ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لا يزالُ أَمرُ هذه الأمة مُؤَامًّا ما لم يَنْظُرُوا في الوِلْدَانِ والقَدَرِ.
المُؤَامّ : المُقَارِب ؛ مُفَاعل من الأَمِّ وهو القَصْد ؛ لأن الوسطَ مشارف للتناهي مُقَارِب له ، قاصدٌ نحوَه ، وقولهم : شيء قَصْد ، والاقتصاد يشهد لذلك.
ومنه الحديث : لا تزالُ الفِتْنَة مُؤَامًّا بها ما لم تَبْدأْ من الشَّام.
__________________
(١) الدنمة ، بكسر الدال وشد النون : القصيرة (القاموس المحيط : دنم).
(٢) يبجسها الظفر : يفجرها الظفر ، والظفر بضمة وضمتين.
(٣) بط الجرح : شقه.