عاشوراء هي الجهاد ، الذي هو مظهر قدرة وعزّة الامّة الاسلامية ، ومظهر الايمان بالله وبالآخرة عند المسلمين ، والامّة التي تتقاعس عن الجهاد في سبيل اهدافها المقدّسة وتطلّعاتها النبيلة ، تلبس ثوب الذلّ والمسكنة.
الجهاد من أركان الدين ، وقادة الدين اولى الناس به ، وبدعوة المسلمين إليه إذا استلزم الأمر ذلك. وقد يكون الجهاد تارة ضد الأجانب المعتدين والكفّار المهاجمين أو يكون ضد المنافقين والاعداء الداخليين الذين يتمردون على الحكومة الشرعية تارة اخرى ، أو قد يكون ضد الظلمة ، وأهل البدع ، والمحرّفين ، والمروّجين للباطل ، والمعطّلين لحدود الله ، والعابثين بأمن المجتمع الإسلامي ، وغاصبي الحكم الإلهي المشروع من اصحابه الحقيقيين.
عاش الإمام الحسين عليهالسلام في عهد تأهّب فيه الأمويون لهدم الإسلام ومحو الشريعة ، والقضاء على دين الله ، وكان جهاده سببا في إحياء الدين وبعث روح جديدة في نفوس المسلمين فاستند عليهالسلام إلى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «من رأى سلطانا جائرا مستحلّا لحرام الله ، ناكثا عهده ، مخالفا لسنّة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّا على الله أن يدخله مدخله».
فرأى عليهالسلام انّ هذه الشروط تنطبق على الأمويين فقال : «إلّا انّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، واظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، واحلّوا حرام الله ، وحرّموا حلاله. وانا أحقّ ممّن غيّر» ، ورأى نفسه أولى منهم بالحكم ، فأمر الناس بالامتثال لأمر مندوبه مسلم بن عقيل ، إلى أن ينتهي هو إلى الكوفة (١) ، وكانت من جملة الدوافع الاخرى التي جعلت الحسين يسارع إلى الجهاد ، هو عدم السكوت أمام السلطة الجائرة ، والتصدّي للأهواء والبدع ، والسخط على قتل الأبرياء ، وهتك الأعراض ، ومنع الحقوق عن أصحابها.
__________________
(١) انظر الكامل لابن الاثير ٣ : ٢٨٠ ، حياة الإمام الحسين ٣ : ٨٠.