وجاء في الكتب التي بعثها بعد دخوله مكّة إلى اهالي البصرة والكوفة انّ بني اميّة قد اماتوا السنّة وأحيوا البدعة. ثم انه دعاهم لطاعته لمحاربة الباطل ، وهدايتهم إلى طريق الرشاد.
جاء في وصيّته لمحمد بن الحنفيّة ـ وذلك عند خروجه من المدينة ـ : انّ خروجه لاجل طلب الاصلاح في أمّة جدّه ، وللامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمن كلمته المشهورة : «وإنّي لم أخرج أشرا ولا بطرا وإنّما ...» (١) ، ودعا في خطبته التي ألقاها في مكّة ـ بعد بيانه لحسن الشهادة وشوقه للقاء أسلافه من الشهداء ـ الناس إلى : «من كان باذلا فينا مهجته موطّنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا» (٢).
كان جهاد الحسين بن علي عليهالسلام لأجل احياء الدين ، ومن يخرج لهذه الغاية لا يبالي سواء قتل أم قتل.
الجهاد والشهادة من شيم الأحرار الذين يبذلون ويضحّون ، فتكون النتيجة توعية الناس واحقاق الحقّ ، وهذا هو منهج التجارة مع الله الذي اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ، مبشّرا إيّاهم بانّ لهم الجنّة ، سواء قتلوا أم قتلوا (٣).
هذه هي ثقافة احدى الحسنيين التي ألهمنا ايّاها القرآن. فسيّد الشهداء كان مجاهدا في سبيل الله ، وكذلك أنصاره أيضا يعتبر عملهم اداء للواجب الاسلامي والتكليف الالهي ضد البدع ، والانحرافات ، ومحو حقائق الدين ، بالرغم من جميع محاولات الاعداء لوصف جهادهم بصفة التمرّد ، واتهام المجاهدين في سبيل الله بصفة الخوارج.
لهذا السبب اكّدت زيارات الإمام الحسين والأنصار على تكرار كلمة «الجهاد» ، ووصفت ابا عبد الله عليهالسلام بامثال التعابير التالية : «الزاهد ، الذائد ،
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ١ : ١٨٨.
(٢) اللهوف : ٣.
(٣) اشارة إلى الآية : ١١١ من سورة التوبة : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ ...).