دفاعا عن الحق عند مواجهة حكام الجور ، وكانوا بأجمعهم اسوة يقتدي بهم الاحرار على مدى الايام.
اما سبب تسمية مثل هذه الميتة بالشهادة فقد قيل : «لأن ملائكة الرحمة تشهده فهو شهيد بمعنى مشهود ؛ وقيل : لأن الله وملائكته شهود له في الجنّة ؛ وقيل : لأنه ممن يشهد يوم القيامة مع النبيّ صلىاللهعليهوآله على الأمم الخالية ؛ وقيل لانه لم يمت كأنه شاهد اي حاضر (١) ، استنادا إلى الآية الشريفة : (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
ان لفيض الشهادة قيمة كبيرة حتّى انّ أولياء الدين طالما يسألون ربّهم ان يجعلها من نصيبهم. ونحن كثيرا ما نسأل الله في ادعيتنا ان يكتب لنا الشهادة. وقد وردت روايات كثيرة في فضل الشهادة ومكانة الشهيد. فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «فوق ذي كلّ برّ بر حتّى يقتل الرجل في سبيل الله ، فاذا قتل في سبيل الله فليس فوقه برّ» (٢).
وجاء في الأحاديث ان الشهادة أفضل الموت ، وقطرة دم الشهيد من افضل القطرات ، والشهادة تمحو الذنوب ، والشهيد في امان من سؤال القبر ، وضغطة القبر ، وهو في الجنّة مع الحور العين ، وللشهيد حق الشفاعة ، والشهداء اول من يدخلون الجنّة ، والجميع يغبط الشهيد على مكانته (٣).
اعتبر الشيخ المفيد الشهادة مقاما رفيعا ، ومن يصبر ويقاوم في سبيل الله حتى يراق دمه يصبح يوم القيامة من امناء الله ذوي المرتبة السامية (٤) ومن جملة خصائص الشهيد النظر إلى وجه الله ؛ وهذا ما ينفي البعد القذر من وجوده ويرتفع به
__________________
(١) مجمع البحرين ، كلمة «شهد».
(٢) بحار الانوار ٩٧ : ١٠.
(٣) راجع الروايات المتعلقة بالشهادة وفضيلة الشهداء في المصادر التالية : بحار الانوار ٩٧ ، وسائل الشيعة ١١ ، ميزان الحكمة ٥ ، كنز العمال ٤.
(٤) اوائل المقالات للشيخ المفيد : ١١٤.