الجند» أيضا (١).
بعد امتناع الإمام الحسين عليهالسلام عن البيعة وخروجه إلى مكّة ، كتب رؤساء شيعة الكوفة إليه يدعونه للقدوم إليهم. فارسل إليهم مسلم بن عقيل مندوبا عنه ، فبايعه الثوريون من اهلها.
ولكن ادّى مجيء ابن زياد إلى قلب الاوضاع ، ولم يسمحوا للحسين بالوصول إلى الكوفة.
كان النسيح الاجتماعي في الكوفة يتكوّن يومذاك من خليط متباين من العناصر المختلفة ، فكان فيها شيعة علي وأبنائه ، وفيها من ينهجون نهج الخوارج ، ولم تكن خالية من أنصار بني اميّة. إضافة إلى ما كان يتّسم به المجتمع الكوفي في ذلك الوقت من الانتهازية والانهزاميّة والتأثّر بالدعايات. وقد وقف الاشخاص الأثرياء فيها أمثال الأشعث بن قيس ، وعمرو بن حريث ، وشبث بن ربعي إلى جانب عبيد الله بن زياد. فكانت هذه العناصر المختلفة والاقوام المتنوعة وغير المتجانسة وغير المنسجمة والتي تتكون الأكثرية منها من المهاجرين إلى هذه المدينة التي كانت قد انشئت حديثا ، سببا في عدم الاستقرار السياسي فيها.
كانت الروح القبلية هي العنصر البارز في حياة المجتمع الكوفي وقد استغل ابن زياد هذه الظاهرة وسيطر على المدينة عبر استمالة رؤساء القبائل فيها. وهذه الزوبعة التي اثارها ابن زياد كانت السبب الذي أبطل كلّ تلك الكتب والدعوات وأدى إلى تشتت آلاف الأيدي المبايعة للامام الحسين عليهالسلام.
وقعت حادثة كربلاء قريبا من هذه المدينة ، والجيش الذي خرج لقتال الحسين كان يتألف بشكل أساسي من أهاليها وبعد انتهاء الواقعة جيء بسبايا أهل البيت إليها ، وفيها ألقت زينب الكبرى عليهاالسلام خطبة احالت فرحة أهل الكوفة إلى حزن وعزاء. ومن هذه المدينة خرج التوأبون بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ،
__________________
(١) موسوعة العتبات المقدسة ٨ : ٤٦.