ومن هاهنا أخذ أبو نواس قوله (١) :
إذا نحن أثنينا عليك بصالح |
|
فأنت كما نثنى وفوق الّذى نثنى |
وإن جرت الألفاظ يوما بمدحة |
|
لغيرك إنسانا فأنت الّذى نعنى |
ويشير إلى قول الخنساء (٢) :
وما بلغ المهدون فى القول مدحة |
|
وإن أطنبوا إلّا الّذى فيك أفضل |
وقال البحترى (٣) :
فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها |
|
ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه |
أحسن لفظا وسبكا من قول أبى حية :
إذا هنّ ساقطن الحديث كأنّه |
|
سقاط حصى المرجان من سلك ناظم |
وبيت البحترى أيضا أتمّ معنى ؛ لأنه تضمّن ما لم يتضمّنه بيت أبى حية من تشييه الثّغر بالدّر.
وقد زاد أيضا فى قوله (٤) :
وفرسان هيجاء تجيش صدورها |
|
بأحقادها حتى يضيق ذروعها (٥) |
تقتّل من وتر أعزّ نفوسها |
|
عليها بأيد ما تكاد تطيعها |
إذا احتربت يوما ففاظت نفوسها (٦) |
|
تذكّرت القربى فغاضت دموعها |
شواجر أرماح تقطّع بينها |
|
شواجر أرحام ملوم قطوعها |
على من قال :
ونبكى ـ حين نقتلكم ـ عليكم |
|
ونقتلكم كأنّا لا نبالى |
وقريب منه قول مهلهل :
لقد قتلت بنى بكر بربّهم |
|
حتى بكيت وما يبكى لهم أحد |
__________________
(١) الوساطة : ٣١٨.
(٢) الوساطة : ٣١٨ ، الديوان : ٢٤.
(٣) ديوانه : ٣٣١.
(٤) ديوانه : ٣١٧.
(٥) فى الديوان : دروعها.
(٦) فى الديوان : فغاضت دماؤها.