ولا تعنته في الجواب ، ولاتلحّ عليه إذا كسل ... الحديث ». (١)
ورابعها : الاحترائ عن الاصغاء إلى اختلافات الناس سواء كان في علوم الدنيا أو الآخرة ، فإنّه يدهش العقل ويفتر الرأي ويؤيس الذهن عن الادراك ، بل يحصل أولّاً الطريقة المحمودة المرضيّة عند استاده. ثم يصغي إلى المذاهب والشبه ، ولو كان المعلّم ممّن لا رأي له ، بل عادته نقل كلام الناس فليحترز منه فإنّ الأعمى لايصلح قائداً للعميان. فكما يجب حفظ جديد الاسلام عن مخالطة ، الكفّار ، فكذا المبتدي يلزم منعه عن الشبه بخلاف الأقوياء ، حيث إنهم يندبون إليها ، كما يمنع العاجز عن التهجّم في صفّ القتال ويندب الشجاع إلى مصارعة الأبطال من الرجال ، فلا يجوز متابعة الضعفاء للأقوياء في أفعالهم.
قيل : معنى قوله : « من رآني في البداية صار صدّيقاً ، ومن رآني في النهاية صارزنديقاً » (٢) أنّ النهاية ترد الأعمال إلى الباطن وتسكن الجوارح الا عن الفرائض ، فيترائى للمبتي أنه بطالة وكسل ، هيهات ، بل هو مرابطة للقلب في عين الشهود والحضور ، وملازمة الذكر الذي هو الأفضل ، ولذا جوّز للنّبي صلىاللهعليهوآله مالا يجوّز لغيره حتّى نكاح التسعة ، إذ كانت له قوّة العدل بين النساء وإن كثرن دون غيره.
وخامسها : النظر أوّلاً في فنون العلوم المحمودة بأسرها نظراً يطلع على غايتها ، فإن ساعده العمر تبحّر فيه ، والا اشتغل بالأهمّ فاستوفاه ، لارتباط العلوم وإعانة بعضها لبعض في الاستفاده ، وللانفكاك (٣) عاجلاً عن عداوة ذلك العلم بجهله. قال الله تعالى : ( وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ) (٤).
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ١ / ١١٤.
٢ ـ المحجة البيضاء : ١ / ١١٤ وفيه نسبه إلى البعض.
٣ ـ وفي نسخة « الف » و « ب » : « ولا ستفادة الانفكاك بدل في الاستفادة وللانفكاك ».
٤ ـ الأحقاب : ١١.