والتواضع ، من قوله : ( واخفض جناحكم لمن اتّبعك من المؤمنين ). (١)
وحسن الخلق ، من قوله : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ). (٢)
والزهد ، من قوله تعالى : ( وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن ).
ولما تلا رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ) (٣) فقيل : ما هذا الشرح يارسول الله؟ فقال : « إنّ النور إذا قذف في القلب انشرح له الصدر وانفسح ، قيل : فهل لذلك علامة؟ فقال : التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله ». (٤)
قال الغزالي بعد نقل الخبر : يأن يكون أكثر بحثه عن علم الأعمال وما يفسدها ويشوّش القلوب ويهيج الوساوس ويثير الشرّ ، فانّ أصل الدين التوقّي من الشر ومن لا يعرفه يقع فيه ، والأعمال الفعلية قريبة ، وأقصاها المواظبة على الذكر بالقلب واللسان ، وإنما الشأن في معرفة مفسداتها ومشوشهاتها وهو ممّا يكثر شعبه ويغلب مسيس الحاجة إليه في سلوك طريق الآخرة.
قيل لحذيفة بن اليمان : نراك تتكلّم بكلام لانسمع من غيرك من الصحابة فمن أين أخذته؟ قال : خصّني به رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كان الناس يسألونه عن الخير وأنا أسأله عن الشرّ مخافة أن أقع فيه ، وعلمت أنّ الخير لايسبقني ، فلما رآني أسأل عن آفات الأعمال ، خصّني بهذا العلم.
وكان حذيفة أيضاً خصّ بعلم المنافقين وأفرد بمعرفة علم النفاق وأسبابه
__________________
١ ـ الشعراء : ٢١٥.
٢ ـ آل عمران : ١٥٩.
٣ ـ القصص : ٨٠.
٤ ـ الأنعام : ١٢٥.