ودقائق الفتن ، فكان عمر وعثمان وغيرهما يسألونه عن الفتن العامة والخاصة ، وكان يسائل عن المنافقين فيخبر بأعداد من بقي منهم ، ولايخبر بأسمائهم ، وكان عمر يسأله عن نفسه هل يعلم به شيئاً من النفاق؟ وكان إذا باسمائهم ، وكان عمر يسأله عن نفسه هل يعلم به شيئاً من النفاق؟ وكان إذا رأى جنازة نظر فإن حضر حذيفة صلّى عليها والا ترك ، وكان يسمّى صاحب السرّ. ـ انتهى ملخّصاً. (١)
ومنها : أن يكون اعتماده على ما فهمه واستنبطه من كلام الله ورسول الله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام وسيرتهم تحقيقاً دون ما سمعه من الغير أو جده في كتابه تقليداً ، إذ لاحجّة في كلام الغير ولا في فعله ، سيّما مع كثرة الحوادث من الأغراض الفاسدة ودواعي الشرّ والنفاق ، فلا عبرة بغير من عصمه الله تعالى عن جميع ذلك.
ومنه ظهر أمارات علماء السوء الذين باعوا ما يهمّهم بما يهمّ غيرهم ايثاراً لقرب الخلق على القرب من الله ، وغاية آمالهم من تحصيل العلم أن يعدوا عند الجهّال وأبناء الدنيا فضلاء محقّقين ، وجزاؤهم من الله تعالى أن يخيبوا عمّا أمّلوه بل يتكدّر عليهم العيش بالنوائب ، ثم يردوا يوم القيامة مفلسين نادمين ممّا يرونه من فوز المقربين وربح العالمين (العالمين خ ل) وذلك هو الخسران المبين.
فتيقّظ يا حبيبي من نومة الغفلة. واعلم أنّ الحقّ مرّ والوقوف عليه صعب ، وطريقه وعر ، ودركه شديد ، ولذا لم يمل إليه الخلق ، ولم يرغبوا الا إلى ما هو الأسهل والأوفق بالطبيعة ، ولقد أجاد من قال :
الطرق شتّى وطرق الحقّ مفردة |
|
والسالكون طريق الحقّ أفراد |
والخلق في غفلة عمّا يراد بهم |
|
فجلّهم عن سبيل الحقّ رقّاد |
لايعرفون ولايدرون مقصدهم |
|
فهم على مَهَل بمشون قصّاد |
أعاذنا الله من شرّ النفس وجماحها ، ووفّقنا لما فيه خيرها وصلاحها.
__________________
١ ـ المحجة البيضاء : ١ / ١٦١ ـ ١٦٢.