ولا يلزم منه سلب الاختيار كما حقّق في محلّه.
وإن كان من حسبه ونسبه تأمّل أوّلاً في أن إعجاب المرء من نفسه بكمال غيره حمق غريب ، وأنه لشيء عجيب ، فلو كان خسيساً في ذاته الانسان شرفاً على الدودة المخلوقة من فضلة الحمار؟ هيهات ، بل هما سيّان في الدناءة والاستقذار ، لو لم تكن الأولى أخسّ واأدنى بحسب الاعتبار.
لئن فخرت بآباء ذوي شرف |
|
قالوا صدقت ولكن بئس ما ولدوا |
ولذا قال علي عليهالسلام :
إن الفتى من يقول ها أنا ذا |
|
ليس الفتى من يقول كان أبي |
ونقل أنّ وحداً من أولاد الملوك افتخر على غلام حكيم ، فقال له الغلام : إن كان فخرك بأبيك فالفخر له ، وإن كان من ملبوسك فالشرف له ، وإن كان من مركوبك فالفضل له ، ولو أخذ كلّ حقه لم يبق فيك ما يصلح لافتخارك.
وثانياً : في أنّ الله تعالى قد عرّف نسبه بقوله :
( وبدأ خلق الإنسان من طين ثمّ جعل نسله من سلالة من ماء مهين ). (٢)
وأيّ شرف في أصل تطأه الأقدام أو تتنجّس من ملاقاته الأجسام.
وثالثاً : في أنّ شرافة من يفتخر بهم إن كان من تحلّيهم بالكمالات النفسيّة وتخلّيهم عن الرذائل الخلقيّة فلم يكن فيهم العجب أيضاً لا محالة فلابدّ لمن يفتخر بهم أن يقتدي بهم في ترك إعجابه حتّى لا يكون طاغياً في أنسابه.
وإن كان من تحليهم بالزينة الدنيوية والشوكة المجازية فما أجهله بحقيقة
__________________
١ ـ ديوان أميرالمؤمنين عليهالسلام : ص ٧٨.
٢ ـ السجدة : ٧_٨.