وعلاجه : بما ذكر في العجب لاشتراك بواعثهما وكونه من نتائجه ، ويخصّه بعد التذكّر لما دلّ على ذمّه ومدح ضدّه من الآيات والأخبار ، التأمّل في أنّ حكمه بمزيته على غيره من غاية جهله ، إذ شرف المرء بسعادته وحسن خاتمته ولا علم بهما الا للعالم بالقضاء الأزلي ، فربّما حسنت خاتمة المتكبّر عليه ووصل إلى أقصى مراتب السعادة وختم للمتكبّر بالشقاوة.
وأيضاً شرفه بالفضائل النفسيّة ، وخسّته بالرذائل الخلقية ، وهي أمور باطنية لا يعلمها الا علام الغيوب المطّلع بما تخفيه الضمائر والقلوب.
على أنه لو حصّل مرتبة الشوق والحبّ وبلغ إلى مرتبة اليقين نظر إلى كلّ الموجودات بعين واحدة ، وهي الانتساب إليه تعالى بكونها رشحة من رشحات وجوده وقطرة من قطرات بحار فضله وجوده ، وآثاراً لذاته ومظاهر لصفاته ، فلا ينظر إلى أحد بعين الحقارة.
ولايرد لزوم حسن التواضع والمحبّة للكفّار والأشرار ، مع كونه مأموراً ببغضهم ولعنهم وترك مودّتهم ، لاختلاف الحيثية ، فبغض الكافر مثلاً لكفره وعداوته لايستلزم ميل النفس إلى التكبّر عليه ، وحبّه لأجل كونه من مظاهره وآثاره لا ينافي بغضه لأفعاله وأخلاقه وعقائده ، فلو وكلّ أحد غلامه المأمون على ولده بمراقبته وتأديبه فالمطلوب المحمود من الغلام ضربه وتأديبه إذا أساء ظاهراً لمجرّد امتثال مولاه ، ومحبّته له باطناً من حيث إنه ولده ومنسوب إليه ، ولايحسن منه أن يتكبّر عليه ويرى لنفسه مزيّة بالنسبة إليه. فالمعيار الكلّي كون حبّه وبغضه خالصاً لوجه الله ، فاينافي حدوث كلّ منهما وزواله وزيادته ونقيصته بالنسيبة إلى ما يعرضه من العقائد والأخلاق والأعمال.
على أن المناط حسن الخاتمة وسوء العاقبة ، فلعلّ الكافر يسلم ويتوب ، والفاسق يندم ويؤوب.
والعلاج العملي له المواظبة على ضدّه ولو تكلّفاً إلى أن يعتاد عليه وينقلع عن قلبه شجرته الراسخة فيه بأصولها وأغصانها.