المستخرجة لها ، وانفتاح أبواب الشكّ والحيرة فيها بالبحث والنظر ، فربّما اطمأنّوا ببعضها ، ثمّ تبيّن لهم بعد ذلك ضعفها فهم تائهون في غمرات الحيرة دائماً ، فلو أخذتهم سكرة الموت على هذه الحالة أمكن حصول الشكّ لهم في عقائدهم لأجل ذلك ، فمثلهم كمثل سفينة منكسرة في ملتطم الأمواج ومرماها ، فإنّ الغلب هلاكها ، وإن اتّفق نادراً رميها إلى الساحل.
وأمّا البله أعني الذين حصّلوا عقائدهم الراسخة بطريق الاجمال فهم بمعزل عن هذا الخطر ، ولذا حكم بأنهم أكثر أهل الجنّة ، وورد المنع عن الخوض في الكلام والبحث عن ذات الله تعالى.
فالاحسن تلقّي العقائد من صاحب الوحي مع تطهير الباطن من ذمائم الأخلاق وتحلّيه بمحاسنها ومحاسن الأفعال ، وترك التفكّر في حقائق المعارف ، الا من أيّده الله بالقوّة القدسيّة ، فأشرق في قلبه نور الحكمة ، فإنّ لكلّ صواب نوراً ، ولكلّ حقّ سطوعاً وظهوراً ، وأمّا من لم يبلغ تلك المرتبة فليأخذ أصول عقائده بوساطته بالاشتغال بخدمته حتّى تشمله بركات أنفاسه ، فإنّ العاجز عن القتال يخدم أهله ليحشر في زمرتهم ، وإن كان فاقداً لدرجتهم.
ثم بعدها ضعف الايمان وعلامته شدّة حبّ الدنيا وضعف حبّ الله ، بحيث لايلقى منه الا حديث نفس ، ولايظهر منه أثر في أداء الطاعات وترك الانهماك في الشهوات ، فيظلم القلب ويسودّ من تراكم الذنوب ، وينطفي نور الايمان رأساً ، فإذا حان حين الفراق والتفّت الساق بالساق ازدزاد حبّه لله ضعفاً ، ورأى فراق محبوبه أي الدنيا من الله تعالى كرهاً فينكر عليه ما قدّر له ، بل يبغضه ، فهذا سوء الختم ، نعوذ بالله منه فمن وجد حبّ الدنيا في قلبه أقلّ وأضعف من حبّ الله كان أبعد عن هذا الخطر ، ومن كان بالعكس فبالعكس.
( قل إن كان آباؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال