خائفاً راجياً حتى يكون عاملاً لما يخاف ويرجو ». (١)
فليحذر الانسان المسكين عن خدع الشيطان اللعين وتثبيطه إياه عن صالحات الأعمال بالتسويف والأماني والآمال ، وليعتبر بحال الأنبياء والأولياء والأبدال في اجتهاجهم في الطاعة ، والخضوع والابتهال ونهاية خوفهم وخشيتهم عن الملك المتعال مع كونهم أعرف بجسيم فضله ونعمه وأعلم بعظيم عفوه وكرمه وأدرى بعميم لطفه ورحمته وأحرى بشمول منه ورأفته تعالى.
تذنيب
إذ قد عرفت أن الخوف لكونه نقصاً في نفسه لا فضيلة له إلا إذا أدى إلى كمال ، فكذلك الرجاء أيضاً ، لاشتراكهما في كونهما ناشئين عن الجهل ، إذ من تيقن بحصول مطلوبه لا يعد راجياً له ، والكمال الذي هو غاية الرجاء هو بعثه على العمل على ما أشرنا إليه ، كما أن غاية الخوف ذلك أيضاً ، فمن كان تأثير الأول فيه أكثر كان أعماله له أصلح ، ومن كان تأثره من الثاني أكثر كان العمل عليه له أولى وأصح ، ومن تساوى حاله في أثرهما كان اعتداله فيهما له أصوب وأرجح.
ومنه يعلم أن الرجاء أصلح لمن ضعفت نفسه عن القيام بآثار الفضائل المستحبة مقتصراً على الفرائض الواجبة ، فينشطه الرجاء لما وعد الله به عباده على الطاعة ويشمره على العبادة وتحصيل المعرفة ، ولمن كان منهمكاً في المعصية متوغلاً في السيئة فيقنطه الشيطان عن رحمة الله ويمنعه عن الانابة والتوبة ، فيجب عليه حينئذ التذكر لما ورد في سعة رحمته وعفوه ومغفرته والنهي عن القنوط ، لكن مع التوبة فإن توقع المغفرة بدونها غرور محض.
قال الله تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) (٢)
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٧١ ، كتاب الايمان والكفر ، باب الخوف والرجاء ، ح ١١.
٢ ـ طه : ٨٢.