يكون ما يصحبه ويرتكبه إجاء.
قال الصادق عليهالسلام في بيان الزهد : « هو تركك كلّ شيء يشغلك عن الله من غير تأسّف على فوتها ، ولا إعجاب في تركها ، ولا انتظار فرج منها لا طلب محمدة عليها ، ولا عرض بها ، بل يرى فوتها راحة وكونها آفة ... الحديث ». (١)
ولا ينافيه الاشتغال بالضروريات والالتفات إليها ، فإنّ قصد حفظ البدن وامتثال أمره تعالى في الاتيان بها للاستعانة على العبادة وسائر القربات أيضاً إقبال على الله واشتغال به ، فكما أنّ من يعلف دابّته في طريق الحجّ لايكون معرضاً عنه تعالى فكذا الاشتغال بتهيئة ما يحتاج إليه البدن الذي هو كالدابّة للنفس في الوصول إلى المقصد لايكون معرضاً عنه تعالى إذا لم يكن متنعّماً متلذّذاً بها ، بل قاصداً للتقوّي بها على الطاعة ، فهو لاينافي الزهد ، بل هو شرطه.
ثم إنّه قد يتطرّق إلى القدر المهمّ الضروري شائبة فضول في القدر والجنس باختلاف الأوقات والأحوال ، فينبغي أن يراعى فيه الزهد أيضاً.
وغاية الزهد فيه الاقتصار في القوت على ما يكفي ليومه وليلته من خبز الشعير وإن كان الحنطة أو ضمّ إليها شيئاً من الإدوام الخفيف أو اللحم في بعض الأحيان لم ينافه ، وفي اللبس على الصوف الساتر للأعضاء الحافظ لها عن الحرّ والبرد ، وفي المسكن كذلك ، وفي أثاثه على ما يدفع الحاجة ويزول به الضرورة من أخفّ الأجناس وأهونها ، ومن المنكح على ما يحفظه عن الوساوس المانعة من الحضور في طاعته ، ويؤدي إلى حفظ النوع ، ومن المال ما يقضي به حاجة يومه بليلته إن كان كاسباً ، والا فما يكفيه لسنته ، بل قيل : إن مثله وإنّ عد من الزهّاد الا أنه لايلحق المرتبة العليا ممّا اعد لهم ، فإنّ من وصل إلى درجة التوكّل التامّ واليقين لم يحتط لغده مع حصول قوت يومه ،
__________________
١ ـ مصباح الشريعة : الباب ٣١ ، في الزهد.