معدم إلى معدم.
ويستتبع المعرفة التامّة بما ذكر قصداً ورغبة وانقطاعاً إليه تعالى وإعراضاً عمّا سواه بأسرها ، فكأنّه المحتاج لوجود خواصّه فيه من معرفة معناه ثم العمل بمقتضاه.
وأمّا سائر الناس فكأنّهم ليسوا بمحتاجين لفقد خواصّ الاحتياج ، وأماراته فيهم ، وهذا من قبيل اختصاص العبدية بنبيّنا صلىاللهعليهوآله ومن يتلوه في العبودية مع كونها عامّة لجميع البريّة ، وإطلاق الغنيّ على هذا الفرد أحقّ وأولى منه على سائر الأفراد لكون غناه أشرف غناء ، وكذا ما به غناه فهو أقرب في استفادته من الله تعالى من غيره ، ولتشبهه بالمبدأ غي حقيقة ما به الغنى وكونه دائماً لايزول ولايفنى ، وقد عرفت انّ كمال النفس في التشبّه بمبدأها.
ومنها : ما كان غناه عن بعض الممكنات ببعض آخر منها ، كالغنى بالمال الحاضر عن الكسبوبالعكس ، أو عن الرجال بالمال أو ببعض الأموال عن بعض وغير ذلك ممّا يختلف بالختلاف الحاجات بالنظر إلى اختلاف الأشخاص والأحوال.
ولابدّ فيه من تمهيد مقدمّة تتّضح بها جليّة الحال.
فنقول : الموجودات بأسرها لا نتسابها إليه تعالى وكونها من آثار صنعه تعالى ، وهو خير محض لايصدر منه الا الخير ، لاتكون الا خيراً.
وعروض الشرية لها من أجل خصوصيات عرضيّة واعتبارات إضافيّة ، ولو كانت محض الشرور أو جهة شرّيتها أغلب لم توجد أصلاً. ففقدان شيء منها من حيث إنّه خير نقص ووجدانه كمال ، بل هو من أشرف الكمالات ، فإن ملكيّة الأشياء بقصد استفادة خيراتها الباعثة لوجودها ومنع تحقّق آثار شرورها العرضيّة الاضافيّة ، هي الاستيلاء والتصرّف الحقيقي في الأشياء ، الذي به يحصل التشبّه بالمبدأ الأعلى ، كما أشرنا إليه فيما مضى.