الفقير منه وأمن المعطي من الرياء ، كما ورد النصّ به ، وإسراره بمندوبها ، كما ورد أيضاً الا مع اطمينان النفس عن آفات الاعلان والقصد إلى ترغيب الناس عليه.
وأمّا الآخذ فيختلف حكمه باختلاف الأحوال والأشخاص الموجب لاختلاف القصد ، فإنّ بعض النفوس تميل إلى الإسرار خوفاً من سقوط منزلتها عند الناس ، أو إفضاء علمهم به إلى عدم إعطائهم إيّاه بعده وبعضها تميل إليه لإبقاء التعفّف وستر المروءة وصيانة الناس عن الحسد وسوء الظنّ والغيبة ، وبعضها تميل إلى الاظهار حثاًّ للمعطي على الزيادة بتطييب خواطره وللناس على الاعطاء بإعلامهم كونه من المبالغين في شكر الاحسان ، وبعضها تميل إليه لاقامة سنّة الشكر والتحدّث بالنعمة ، وإذلال النفس بكسر جاها وغير ذلك من الأغراض الصحيحة والفاسدة.
ولكلّ منها علامات بها يمكن التمييز ، بعضها ظاهرة وبعضها خفيّة ، كميل النفس إلى الشكر في حضور المحسن أكثر من غيبته وبالعكس وغير ذلك.
فالأولى أن يلاحظ ويعلم ما هو الأقرب إلى خلوص النيّات وأبعد عن دقائق الآفات التي تشتبه كثيراً على أرباب الكياسات ، فإنه العلم الذي به يحصل النجاة ، وهو الذي فضّل قليل منه على كثير من العبادات ، فإنّ به حياتها كما أنّ بجهله مماتها.
ومنها : الاحتراز من المنّ بالاظهار عند الناس ، وطلب المكافاة بالشكر والمدح والتعظيم والخدمة والمتابعة وغيرها [ والأذى ] (١) بالتحقير والتعيير والاهانة وتقطيب الوجه والقول السيّء والاستخدام.
قال الله تعالى : ( يا أيّها الّذين آمنوا لاتبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى ). (٢)
__________________
١ ـ ساقط من « ب ».
٢ ـ البقرة : ٢٦٤.