وأمّا مع رجحان قصد القربة حيث لو لم يكن لم يترك العمل لكنّه ممّا يقوّي نشاطه فقيل : إنّه لا يحبط أصل العمل ولكن ينقص الثواب أو يعاقب صاحبه على مقدار قصد القربة.
ويشهد له قول الباقر عليهالسلام لما سئل عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسرّه ذلك : « لا بأس ، ما من أحد الا ويحبّ أن يظهر الله له في الناس الخير إذا لم يكن صنع ذلك لذلك ». (١)
وفي الخبر : أنّ رجلاً قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّي أسرّ العمل لا احبّ أن يطّلع عليه أحد فيطلع عليه فيسرّني ، قال : لك أجران ، أجر السرّ وأجر العلانية. (٢)
والأظهر البطلان ، أيضاً لدلالة الظواهر السمعية على اشتراط الاخلاص في النية والبطلان مع قصد الرياء والنهي عن الشرك في العبادة الموجب للفساد فيها ، كما حقّق في محلّه.
ولا دلالة للخبرين على المدّعى ، بل على صحّة عبادة من أراد إخفاؤها ، لكن سرّ مع حصول الاطّلاع اتّفاقاً ، وهو ممّا لابأس به ، سيّما إذا كان باعث سروره حسن صنع الله به بإظهاره الجميل وستره القبيح.
( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ). (٣)
فكأنّه اعتبر بحسن صنيعه به في الدنيا حسنه به في الآخرة.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : « ما ستر الله على عبد في الدنيا الا ستر عليه في الآخرة ». (٤)
أو رغبة المطّلعين في التأسيّ به فيضاعف له الأجر بقصده السرّ أوّلاً ثم القصد الثاني.
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٢٩٧ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الرياء ، ح ١٨.
٢ ـ المحجة البيضاء : ٦ / ١٦٦.
٣ ـ يونس : ٥٨.
٤ ـ المحجة البيضاء : / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، وفيه : « على عبد ذنباً في الدنيا ».