وبهذا يظهر أنّه لو كان سروره من ظهورها ابتداء لأحد هذه المقاصد الصحيحة لم يضرّ أيضاً.
وهذا كما أنّ كتمان المعاصي والاغتمام عن ظهورها كذلك أيضاً ، كما أشرنا إليه سابقاً ، وإن كان الأصل في الاخلاص استواء السرّ والعلانية ، ولذا قيل : عليك بعمل العلانية ، أي ما لو ظهر لم تستح منه الا أنّه ليس شريعة لكلّ وارد ومسلكاً يسلكه كلّ قاصد ، نعم يشترط أن لايكون الباعث على إخفائها التلبيس على الناس باعتقاد الورع فيه ، بل إمّا الانقياد للأمر به أو النهي عن الوقاحة والتهتّك ، أو دلالة ستر الدنيا على الستر ف الآخرة ، أو ايجاب ظهورها الذمّ واللوم المؤلمين للقلب ، والألم شاغل من الحضور والتوجّه إلى ما خلق لأجله ، ولذا جاز إخفاء ما يؤدّي إلى حدوثه مطلقاً نعم كمال الصدق استواء المدح والذمّ ، الا أنّه عزيز الوجود.
أو كون الخلق شهداؤه في الآخرة ، كما ورد.
أو الخوف من قصدهم إيّاه بالأذى ومعاداتهم له إذا اطّلعوا على ذنبه.
أو الخوف من صيرورة السامع بذمّه له عاصياً وهو من كمال الايمان ، ويعرف بمساواة ذمّه وذمّ غيره.
أو الخوف من سقوط وقع المعاصي عن نظره.
أو اقتداء الناس به ويختصّ بمن يقتدى به.
أو مجرّد الحياء الذي هو من كرم الطبع ، فمن جمع بين الفسق والتهتّك كان أسوء حالاً من الفاسق المستور ، ولذا يجوز غيبته. وما اشتهر من كون بعض أفراده من ضعف النفس يراد منه الاستحياء ممّا ليس بقبيح ، بل مستحبّ أو واجب شرعاً كالمامة والوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدون عذر شرعي ، ككون العاصي شائباً ، فقد ورد إجلال ذي الشيبة.
وقد يشتبه الرياء بالحياء كمن طلب من صديقه قرضاً ، فإن الرّد صريحاً من الوقاحة ، والاعطاء لمجرّد انقباض النفس من استشعار قبح ردّه مشافهة من