دون رغبة في الثواب ولا خوف من الذمّ أو رجاء للمدح ـ حتّى لو كان الطلب على سبيل المراسلة ردّه ـ من محض الحياء. وإن أشكل عليه الردّ للحياء والاعطاء للبخل ، فإن أعطى خوفاً من نسبته إلى البخل أو ذمّ الناس له فقد مزج الحياء والرياء ، وكان الباعث للرياء وإن [ أعطى ] (١) لمجرّد الاخلاص وطلب الثواب بإدخال السرور في قلب أخيه المؤمن وغير ذلك فقد مزجه بالاخلاص.
وكالرياء في المباحات على ما أشير إليه سابقاً ، فربّما يظنّ أنّ الباعث عليه هو الحياء وهو غلط لاختصاصه بالقبائح العقليّة أو الشرعيّة أو العرفيّة ، فليس ذلك الا من الرياء.
ثم الرياء الجليّ ما يبعث على العمل لو لا قصد الثواب ، والخفيّ ما لايبعثه بمجرّده الا أنّه يخفف ما اريد به التقرّب في الخلوة ، ويعرف بالسرور باطّلاع الناس عليه لطلب منزلة في القلوب فيستبعد على نفسه تقصير الناس في إكرامه كأنّه يتقاضاه على عمله مع أنّه لم يطّلع عليه أحد ، فهذا لايخلو عن شوب خفي والا لم يكن وجه لتوقّعه. فعلامة الخلوص أن لا يفرّق بين حضور الانسان والبهيمة.
ثم إنّ الباعث إمّا حبّ المدح أو كراهة الذمّ أو الطمع ، ولما عرفت انّ المدة في إزالة شيء إزالة علله ودواعيه فأنفع شيء في علاجه قطع الثلاثة بما ذكر سابقاً.
ومن جملة العلاج العلمي له التذكّر لما ورد في ذمّه والتشديد فيه من الآيات والأخبار ، ثم لما يدلّ على قبحه من الاعتبار ، قال الله تعالى :
( فويل للمصلّين * الّذين هم عن صلاتهم ساهون * الّذين هم يراءون ويمنعون الماعون ) (٢) ( يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً ) (٣) ( كالّذي
__________________
١ ـ ساقط من « ج ».
٢ ـ الماعون : ٤ ـ ٧.
٣ ـ النساء : ١٤٢.