يبصربه ... » الحديث. (١)
وفي كلام أمير المؤمنين عليهالسلام إشارة إليه أيضاً حيث قال : « إنّ من أحبّ عباد الله إليه عبداً أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن وتجلبب الخوف ، ـ إلى أن قال ـ : فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس ». (٢)
وقال عليهالسلام في وصف الراسخين في العلم : « هجم بهم العلم على حقيقة البصرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استو حشه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان معلّقة بالمحملّ الأعلى ». (٣)
وهذا العلم عبادة النفس وقربة السرّ ، فكما لا تصحّ الصلاة الظاهرة الا بتطهير من الظاهره ، فكذا لا تصحّ عبادة الباطن الا بتطهيره من الأخباث الباطنة ، كيف لا والملائكة لايدخلون بيتاً فيه كلب ، فكيف تفاض الأنوار الإليّة في بيوت مملوءه من كلاب نابحة؟ فكم من دقائق المعاني وغوامض الأسرار ، تخطر على قلب المتجرّد للأذكار والأفكار ممّا تخلو عنها كتب التفاسير والأخبار ، ولا يتفطّن بها علماء الدهور وفضلاء الأعصار ، وبعد عرضها عليهم يستحسنونها ويعلمون أنّها من تنبيهات القلوب الزكيّة وألطافه البهيّة السنيّة بذوي الهمم العالية المتوجّهة إليه تعالى بالقلوب الصافية.
فظهر أنّ ما يحصل من المجادلات الفكريّة والمباحثات النظريّة من دون
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٢٥٢ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب من آذى المسلمين ، ح ٨.
٢ ـ بحار الأنوار : ٢ / ٥٦ عن نهج البلاغة.
٣ ـ نهج البلاغة : الحكمة ١٤٧ مع اختلاف.